.

.

جديد

الثلاثاء، 6 يوليو 2010

قصة ((سمرة)) - ذات الشعر الأشيب

[بيت كالصحراء قاحل، ناضب، تنبت فيه اقحوانة مفعمة بالأسرار متورطة بنسوة تجمدت في عروقهن دماء الحياة حينما توهمن أن الفناء في أول شعرة بيضاء وألقين ظلالهن القاتمة على ((سمرة)) فوسمنها بميسم الكبر والكهولة لكنها انتفضت، وتمرد العربيد داخلها ليكشف عن صبية مترعة بالنشاط والحيوية].

تخرجت (سمرة) من الجامعة وقدمت على وظيفة (معلَّمة) في مدرسة بنات، كل من حولها من فتيات الأسرة تزوجن وأنجبن وبقيت لوحدها تترمض على جمر الوحدة والحرمان، ونظرات الإشفاق تندلع كنيران حارقة تلسع فؤادها المكروب.

((مسكينة قد فاتها القطار!)).

أخواتها الصغيرات يتنازعنها لرعاية أطفالهن في وقت انشغالهن مبررات ((أنتِ فارغة لا زوج ولا ولد!)).

وأمها تستبيح راتبها في إعمار البيت وشراء متقنيات الأسرة قائلة بقسوة:

((ولمن تدخرين الراتب وأنتِ وحيدة!)).

تقف (سمرة) أمام هذا الإعصار المستبد منطفئة الأمل، يائسة الأحلام، فقد خط الشيب خطوطه البائسة على شعرها الفاحم، دميمة عافتها العيون الباحثة عن عروس، وهجرتها النفوس التواقة إلى ولود، كبرت وجفت مواردها وانكسرت أنوثتها على مشارف الأربعين، اغتالت داخلها كل حلم جميل ونبضة شوق لرجل، وهي كالأرض البور مجدبة جافة يبست أعماقها ونضبت مناهلها.

وهمها يحفر داخلها عقدة نقص تنهش فيها غيرة فتاكة تثور بانفعال هستيري متى ما مس أحد وتر الزواج أو الحمل، ويأخذ جسدها في السمنة والترهل ويشتد إحساسها بالجزع واليأس، تنكب في وحدتها المضنية على مشاهدة الأفلام الرومانسية وقراءة الروايات العاطفية، تتضور عاطفة ساحقة وتظن أنها بهذه المسكنات تقهر جوعها القاسي.

ويجن عليها ليل الغربة وكل خلية في دمها تصرخ مستغيثة من ظلم أم جحود وأخوات بليدات، مجروحة أينما اتجهت، مهانة كيفما فعلت، وكأن الزواج جواز مرور إلى دنيا السعادة وإلا فالعانس كما يصفونها منبوذة في العدم.

جردتها الأم من كل عوامل القوة وأذعنت في ذبح كبرياءها مستهينة بقدراتها الذاتية وعنفوانها الأنثوي قائلة باستنكار:

((مهما نجحت الفتاة فلا قيمة لها دون زوج)).

وتنكفئ (سمرة) بحزنها وأساها منزوعة القيمة والقدر تأخذها حيرة كئيبة ((ماذا تفعل لتخرج من هذه البيئة الموبوءة التي ترهن قيمة الأنثى بحالة زواجية وإن خالفها القدر حكم عليها بالإعدام، تتمنى لو تتزوج لكن كيف السبيل إلى ذلك والأبواب مؤصدة، يئست من أمرها واستسلمت لمصيرها فقد بلغت من ا لعمر ما جعل الرجال يتورعون عنها ويغادرونها إلى أخريات أكثر وفرة وخصوبة.

لجأت إلى الخاطبة تغدق عليها المال بسخاء كي تشق لها بصيص نور وسط ذلك الظلام الدامس، بيد أن الخاطبة تستدرجها في طمع حتى أدركت الفخ، وها هي سنين الوحدة تأكل مخزونها وترسم أمائر البؤس والشقاء على محيّاها.

فكرت في أمرها طويلاً حينما استبد بها الجزع وبحثت عن مخرج لأزمتها الطاحنة، وكان قرارها أن تترك جو المدرسة الخانق وتلتحق في وظيفة إدارية تبعث في أعماقها شيئاً من الحيوية وكان الاختيار مركز بحثي في الوزارة باشرت في الإجراءات دون إبطاء لتستأنف العمل في مطلع السنة الجديدة.

كان كل شيء حولها ينضح بالنشاط، العمل البحثي خلق داخلها إحساساً بالتغيير وكسر الروتين، تخرج في بعض الأيام إلى الجامعة لتطبيق نماذج استبيان على الطلبة والمدرسين والإداريين، كان عالمها هنا مختلف عن المدرسة وأجوائها الرتيبة، ورئيس المركز دفعها لتتمرن عبر دورات بحثية في مركز التدريب مثل دورة النجاح الوظيفي، دورة في التفكير الإيجابي، دورة في كتابة البحث العلمي.. الخ.

آفاق جديدة تأخذها إلى عالم أرحب، شحذ حوافزها بجموح وتوثب وإذا بها شعلة حماس، جمرة نشاط يكمن داخلها كل عناصر القوة لكن البيئة الملوثة اضطهدتها ورمتها بالتسفيه والسخرية، وقمعت فيها كل بوادر الطموح والرقي الوظيفي، أحبت عملها وتفانت فيه وأبدعت في إعداد برامج جديدة للمركز وأجرت بعض التعديلات، أعجب رئيس المركز بأدائها فرشحها لرئاسة القسم وبعثت هذه الترقية في حياتها شيئاً من التحدي فسعت إلى تغيير نمط عيشها وتبديل هيئتها واستظهار جمالها الكامن، ذهبت إلى الصالون وصبغت شعرها الأشيب وقصت شعرها بنموذج طفولي يبرز مواطن الجاذبية في ملامحها، ثم التحقت في نادي رياضي ومارست كل برامج التخسيس وفنون التجميل لاستعادة الحيوية والنضارة إلى بشرتها، فانصقل جسدها بشكل جديد، إنها (سمرة) جديدة بهيئة واثقة وبروحية متفتحة وكان الحصاد إحساسها بالتناغم والتصالح المحبب مع النفس، فإذا بها تشع حب وإيمان وثقة وتفاؤل، اختفت نظرات الإشفاق المذلة لشخصها وطرأت على من حولها رغبة جارفة في سبر أغوارها واستكشاف طويتها لكنها معرضة في كبرياء، متعالية في إباء، فكرت في ترميم حجرتها الخاصة وشراء أثاث جديد وستائر زاهية الألوان وأمها تتحفز إلى سؤالها عن هذا السر الدفين والانقلاب المفاجئ في حياتها و(سمرة) تجنح إلى استقلاليتها والتوحد بحياتها وهي سعيدة بهذا النهج، تعرف الآن كيف تفر من شبح الوحدة حينما يعصف بذهنها متخذة الجانب الإيجابي منفذاً لمعاناتها، وتمزق أغلال الكآبة عن روحها المختنقة سنين طويلة لتنطلق في دربها الجديد بتفاؤل وأمل.

ذات صباح جاءت بوجهها الناضح حيوية تشمخ باستعلائها على ضعفها، دعاها رئيس المركز أن تحضر إليه في مكتبه لأمر هام فظنت أنها عادته كل صباح يطلع على تقريرها المفصّل عن اجتماع اللجنة ويتابع نتائج الاستبيان الأخير الذي تم تطبيقه على طلبة المدارس الثانوية والذي أخذ منها وقتاً طويلاً.

بادرها بالسؤال عن نشاطها وهي تستجيب ببشاشة وانفتاح حتى تلكأ وهو ينحى بحديثه ناحية مختلفة تماماً عن طبيعة العمل، أطرقت وكان هاجسها صائباً فيما لهج به قلبها.

((لم أرَ في حياتي إنسانة ديناميكية وحيوية مثلك يا سمرة)).

غاصت في مقعدها حرجاًَ.

وتابع:

((أثرتِ إعجابي بشدة، فقد لمحتك ذات مرة وأنتِ تعملين بجميع حواسك)).

حدجته بنظرة دهشة وقلبها ينشرح من شدة السعادة.

ومضى يعبّر:

((تعرفين أني أرمل، توفت زوجتي قبل خمس سنوات ولي أبناء متزوجون وأعيش وحيداً أحتاج إلى إنسانة تقربني في الفكر والروح، حاضرة البديهة، نشيطة، تدخل البهجة إلى حياتي، وأنا لا أفكر بالإنجاب أبداً فلي أحفاد كثر يملؤن عليّ البيت في أيام الأجازات)).

كادت أن تقفز من فرط السعادة وانعقد لسانها من شدة الحرج.

((هل أضمن الموافقة)).

هزّت رأسها مستجيبة.

وتزوجت سمرة من مديرها وانتقلت لتعيش في بيته الفخم وكان خبر زواجها خبطة هزت الجميع وأذهلت قريباتها بل صرن يغمزن إليها بشيء من الحسد والغيظ.

هل حقاً أن العانس ليس لها محل في دنيا السعادة؟

استلقت على سريرها بعد أن خرج الزوّار من بيتها تفكر وابتسامة مشرقة تشق عتمة الليل وزوجها يرقد في سباته:

((إن هذا الإحساس السوداوي ينبع من ذات المرأة وهي تعيش جواً غائماً في ورحها فتعكس الصورة على الآخرين إنهم استضعفوها عندما اعتقدت في ذاتها أنها ضعيفة، واحترموها حينما احترمت ذاتها ومزقت شرنقة الكآبة البغيضة)).

وهكذا قررت (سمرة) أن تستعيض عن نظاراتها السوداء بأخرى وردية لتجد السعادة تنبع من داخلها ومن طريقة تفكيرها فقد أطلقوا عليها عانس عندما ظنت نفسها هكذا، وعرفوها ناجحة عندما أظهرت قدراتها..

بعد سنوات قليلة تقلدت منصب إدارة المركز حينما تقاعد زوجها.. وها هي الآن مديرة يُشار لها بالبنان والفخر طوّرت المركز بشكل مذهل وساعدت في تنمية النشاط البحثي في الوزارة.
تابع القراءة

السبت، 3 يوليو 2010

زوجة بلا ماضٍ ( البيت السعيد 4 )


سألتني إحدى النساء قد تم عقد قرانها الشهر الماضي وهي على وشك دخول قفص الزوجية، هل أصارح زوجي بالماضي؟ فهو يستدرجني باستمرار لمعرفة خبايا حياتي وأنا خائفة مترددة أخشى أن أصارحه فأخسره، لكن ألا يعتبر إنكاري لتجربتي السابقة نوعاً من الخداع والغش؟
وأقول:
إن أكبر خطأ تقع فيه المرأة حينما تكشف للرجل خباياها الخاصة وأسرارها الدقيقة لأن لحظة الهدأة والسلام قد تتبدد يوماً ما لتظهر فيه الخاصية الذكورية التي تفقده اتزانه، فيحاسبك على هفوات وسقطات انقضت ويظل يلاحقك بعارها كلما غشب ولهذا أنصح الفتيات والنساء بالانتباه إلى كلامهن وزلات ألسنتهن، لأنها عند الرجل محسوبة ومسجلة في ذاكرته فإن مرت بسلام اليوم لن تكون إلى مستمسكا ضدك في وقت آخر.
والزوجة التي أفشت سر أبيها أنه صاحب علاقات محرمة وأن أمها مظلومة، ونفست عن كربها في لحظات صفاء وسلام مع زوجها، جاء ذلك اليوم الذي عربد في زوجها متخذا من سيرة أبيها مبرراً لنزواته فندمت على ما فعلت.
والفتاة التي صارحت خطيبها أنها كانت على علاقة بابن خالتها لكنه هجرها كانت ردة فعل خطيبها أن رمى الدبلة في وجهها وهرب.
وإحدى الزوجات أيضاً قالت لزوجها إنها عملت عملية تجميل لأنفها قبل الزواج فأخذ في ما بعد يتشكك في كل جزئية من جمالها، ففي كل مرة يسألها ماذا فعلت بوجهك هل عملت عملية شد؟!
هناك مساحات خاصة في حياة المرأة يفترض أن تغلف بغلاف السرية نظراً لتداعياتها السلبية مستقبلاً على حياتها الزوجية إن عرف بها الزوج، فما الضرورة لأن تكشف لزوجها هذه التفاصيل.
فأقول للمرأة السائلة لا ينبغي أن تفتحي النار على عشك الزوجي فتحرقين الأخضر واليابس، حاولي تدارك الأمر بطريقة ذكية طالما الماضي اندفن وردمت ذكرياته مع الأيام.
توأم الروح
مراحل حياة الرجل الخمس
أجمع السيكولوجيون وخبراء علم الاجتماع والأجهزة الداخلية والغدد الصماء والأعصاب عبر بحوثهم الطويلة أن الرجال يمرون عبر حياتهم بمراحل تتغير فيها نفسياتهم وتحدث لهم تحولات كبيرة، فكل الرجال على اختلافاتهم سواء كانوا زعماء، قادة، أطباء، مثقفين، عمالاً، يمرون بخمس مراحل تبدأ المرحلة بعد سن المراهقة، وهي كالتالي:
1  -  للأمام وللأعلى:
        وهي مابين الواحدة والعشرين وحتى الخامسة والثلاثين، حيث يسيطر على الرجل القلق والتوتر إذ يركز الرجل على تكوين نفسه في العمل وفي الزواج وبدء تكوين أسرة.
2  -  الاندماج والتعزيز:
        وهي المرحلة التي تقع ما بين الخامسة والثلاثين إلى الأربعين وربما لأكثر بسنوات قليلة، حيث تنضج خبرته وتتخذ حياته شيئاً من الهدوء والتفكير.
3  -  محور الارتكاز:
        وهي من فترة الأربعين وحتى فترة الخمسين أو الخامسة والخمسين، فهو الوقت الذي يشعر فيه الرجل أنه وصل إلى منتصف العمر وهي تتميز بالاستقرار النفسي والبدني، وهذه الفترة تحدد نوعية وشخصية الرجل بقية حياته، حيث في هذه الفترة تتقرر حياة الرجل، ولذا يطلق عليها محور الارتكاز وهي أكثر المراحل حرجاً وصعوبة في حياته.
4  -  التوازن:
        السن من الخمسين وحتى خمس وخمسين وحتى سن التقاعد، وقد تكون هذه المرحلة أجمل مراحل العمر إذ استطاع الرجل أن يحل مشاكل مرحلة الارتكاز، فإن هذه السنوات ستصبح انتقاماً مريراً لهذه المرحلة.
5  -  التقاعد:
وقت القناعة والرضا والهدوء والإشباع أو الاستياء والغيظ وخيبة الأمل والخوف، كل ذلك يتوقف على مدى كيفية خروج الرجل عبر هذه المراحل العمرية المختلفة ستكون قادرة أكثر على التعامل وبسهولة معه، بل ومع جميع الرجال الذين تعمل معهم وستكون حياتها الزوجية هادئة ومريحة.
هموم تربوية
قصص الأطفال
عالم القصة يدهش الطفل ويحلق بخياله نحو آفاق أوسع ويشبع ذاته بالمفاهيم والأفكار ويجعل حياته مليئة بالسعادة والفرح، فالأم الذكية هي التي تخصص السعة الأخيرة من موعد نوم الطفل لقراءة قصة ينتقيها من مكتبته الخاصة لأن هذه الساعة ستثمر لاحقاً سنين مفعمة بالمبادئ والقيم والأخلاق.
فالقصة أسلوب تربوي غير مباشر يمكن من خلالها نهي الطفل عن سلوك سلبي أو ترغيبه بخلق معين فيمتص ذهنه منذ الطفولة كل مفاهيم القصة الخلقية والتربوية والقيمية بشكل أفضل من الأسلوب الوعظي المنفر، فاختيارك الجيد للقصة يعني رسم مسار هادف لحياة الطفل، وهذا الجهد يتطلب معرفة مضمون القصة والقيم التي تنادي بها القصة وبطل القصة، ولهذا ينبغي الحرص على اقتناء القصة التي تتلاءم وديننا الحنيف ومنسجمة مع قيمنا وأخلاقياتنا لأن القصص القائمة على السحر والشعوذة ورط القوى الخارقة التي هي من صفات الخالق عز وجل بمخلوقات عادية يسبب للطفل نوعاً من الخلل في معتقداته، فعلى سبيل المثال الساحرة أو الجنية التي تحول حبة اليقطين إلى عربة والجرذين إلى حصانين عبر عصا سحرية إنه أمر قد يجد فيه المتعة لكنه في لا شعوره يستدرك كيف يمكن لهذه الساحرة أن تفعل ذلك وهل يمكنه هو شخصياً الإتيان بهذا العمل.
هذا ما جاء في قصة (سندريلا) في حين إذا أردنا أن نبني في وجدان الطفل قاعدة عقائدية منذ الطفولة بإمكاننا أن نربط في ذهنه أنه نتيجة لصبر سندريلا وطيبة قلبها وأخلاقها وتسامحها كافأها الله عز وجل فأنزل عليها من السماء حورية الجنة لتهب لها عربة ملكية وثوباً جميلاً، إن الترجمة الحرفية للقصة الأجنبية دون رقابة للأسف تسبب للطفل اختلالاً في مفاهيمه خصوصاً في السنوات الخمس الأولى التي هي أساس وركيزة الشخصية مستقبلاً.
لهذا أدعو الأمهات إلى التأني في انتقاء القصة المناسبة للطفل لما لها من أثر في نموه الفكري والنفسي والأخلاقي.
نصائح ذهبية لحياة سعيدة
كيف تدير وقت العمل؟
كل الناس تعيش خلال 24 ساعة مقسمة ما بين عمل وراحة وتعاملات يومية، لكن من هو الشخص الذي ينظم الـ 24 ساعة بشكل جيد ويستثمر وقته بصورة مثالية، فهناك أناس منظمون ينجزون بشكل مثالي وينتجون أكثر من غيرهم، وهناك من يعيش في فوضى.
سأقدم لك خطوات ميسرة تساعدك على استثمار وقتك بطريقة أفضل وهي:
1  -   اجعل مكالماتك في ساعات الصباح الباكر لأنك تجد الناس في هذا الوقت منهمكين في شرب الشاي والقهوة.
2  -   استخدم ساعات الصباح المتأخرة ما بين (9-10) صباحاً للقيام بالأعمال التي تطلب إبداعاً وجهداً كبيراً لأن القدرات العقلية لدى الإنسان تكون في ذروتها في تلك الساعات.
3  -   استغل ساعات الصفاء الذهني وقم بأكثر الأعمال والأنشطة صعوبة.
4  -   أوجد لنفسك مكاناً تختبيء فيه عن الأنظار مثل غرفة اجتماعات ولكن دع شخصاً واحداً يعرف مكانك ليكون حلقة وصل مع الآخرين.
5  -   في فترة ما بعد الظهر ومع نهاية اليوم يجب أن تقوم بالتخطيط في صباح اليوم التالي وضعها أمامك، تذكر المكالمات التي قمت بها صباح هذا اليوم، خذ الملاحظات المتعلقة بها ثم ضعها فوق الطاولة لكي تقوم في صباح الغد بإنجازها إن كانت خططاً أو مكالمات.
تابع القراءة

الخميس، 1 يوليو 2010

زينب بنت الأجاويد - الحلقة 2

(( المرأة في الغرب ))




أخذني المصعد إلى الطابق الأرضي من الفندق مدفوعة بشغف نحو عالم نسوة من نوع خاص ودعوة لميس المفعمة غذت فضولي، كانت المائدة عامرة بوجوه جديدة والنادل لا ينفك عن ضيافتهن بخضوع من يتوسم أنهن لمعة نسوة متميزات، استدعتني لميس بعينيها المنفعلتين ومن قبل حفاوة الكلمات، فحرارة الحوار الذي أثارته سيدة أجنبية جذبني إلى المتابعة. رددت بحماس: ليتني كنت مكانها.


تشهق منى عبد الناصر في غرابة: تتمنين مكانها بينما العمل يمنحك كينونة خاصة وشخصية مستقلة. السيدة الأجنبية واسمها "صوفي" : "لأني سئمت العذاب اليومي والاستهلاك المرهق لأعصابي، أحلم أن أملك داري ورجلاً يغنجني ويرعاني وينفق عليّ من ماله الخاص، ما عدت أحتمل أعباء المكتب وتكاليفه وصلافة العملاء وأزمة المواعيد والارتباطات، أريد أن أخرج عن حالتي المتوترة والضغوط النفسية المتفاقمة، فصديقتي "كارولين" صارت نزيلة في مصلحة نفسية رغم أنها ذات عقلية عبقرية!".
اغتاظت د. إنعام خلدون:
معنى هذا نعطل نصف طاقة العالم الاقتصادية.
منى عبد الناصر: إن نجاح تجربتكم الحضارية يعود إلى حرية المرأة ومساواتها بالرجل حتى تبوأت أعلى المناصب وقادت الرجال. هذه مفارقة عجيبة وآراء متناقضة تحتاج إلى وقفة تفكير. عبرت عن دهشتي في مداخلة عارضة.
وأضافت لميس:
هذا أنموذج لبحث نعده في المركز الثقافي عن تجربة المرأة في الغرب.
ثم التفتت إليّ قائلة:
صوفي مديرة مكتب هندسي ومحاضرة في جامعة السربون، التقيناها ضمن نخبة من الناجحات في عالم الغرب لنقطف من هذه التجارب العبر والدروس.
قلت في مداخلتي:
أظن أننا ينبغي أن ندرس النتائج التي انتهت إليها تلك النسوة الناجحات والتي تفضي باعتراف صريح أن المرأة تحتاج إلى قراءة ذاتها المتزنة والتي ضيعتها المطامع.
لميس في حملة اعتراضية:
عندما تجد المرأة شريكاً صالحاً فإن البيت يغويها لتسكنه وبذلك تستعيد توازنها، فالرجل إما قوة جاذبة أو طاردة للمرأة.
إنعام:
المسألة تدور حول تفعيل طاقة المرأة لنهضة المجتمع المعطل، فالرجل بأنانيته ورغبته في استحواذ المرأة قمع إحساسها بأي شيء دونه.
منى:
آه يا لأنانية الرجال ومزاجيتهم، لو أرادت الواحدة منّا أن تحقق ذاتها لجاز لها أن تدفع الأثمان باهظة.
(انتبهت إلى نظرات لميس وهي تغرق في الذهول وصدق حدسي، أنزوينا في جلسة خاصة استجابة لطلبها).
حديث خاص:
عبرت لميس في إعتذار إلى الحاضرات، كانت متحفزة أكثر من النهار.
لميس: أنا مرهقة يا زينب أحشتاجك بشدة، أشعر أن الله قد بعثك لي من جديد.
زينب: شعرت بذلك.
وباندفاعها الذي عهدته في سنين صباها تنهمر كلماتها حارة، منفعلة، حاشدة..
لميس: ماذا أقول يا زينب عن حالتي المضطربة وقد ارتبطت برجل مهم في الدولة بزواج سري، وقد بلغت علاقتنا شفا حفرة، إذ لا يرضخ لمطلبي في إشهار زواجنا وتسويفه غير المبرر يثبت لي أني لست سوى خليلة شرعية.
ما عذره؟ (سألتها غاضبة).
لميس: مركزه الاجتماعي وسمعته فأنا مذيعة مشهورة ومطلقة، ويعتقد أنها أسباب وجيهة لكتمان زواجنا.
قلت لها قاطعة:
- هذا لأنه لا يحبك.
انحنت كالزهرة الذابلة وأطلقت حرقتها من قلب مكدود.
- تعبت من الرجال ومن مواقفهم المتخاذلة، لقد أعطيتهم كل شيء، كل ما أملك، حياتي وشبابي ولم أحصد إلا العذاب والحرمان.
أشفقت عليها:
زينب: وهذا هو الخطأ يا عزيزتي فأنتِ قدمتِ نفسك الممزقة على طبق من ذهب فكان زوجك هذا متمكناً من إبقائك متلاشية، ضعيفة تحت هيمنته، وظننتِ أنه قوة تدعمك وتلملم شتاتك وحدث العكس وهذا يتنافى مع الحب السامي القائم على الأخذ والعطاء.
لميس: أنا مترددة، تارة أفكر في الطلاق منه وتارة أخرى أتراجع، إذ أخشى الوحدة والعودة إلى سيطرة أخي وجبروته.
زينب: مسكينة أنتِ يا لميس بدأت أقلق عليكِ أكثر من أي وقت مضى ويدهشني وجودك في هذا العالم الاقتحامي المتنمر والذي يناقض طبعك المرهف.
غامت في حزن عميق ثم عبرت في حيرة:
لميس: لا أدري ربما واجهة جميلة لمنتديات ومحافل ثقافية تستدرج الجماهير عبر رموز شهيرة، انتميت إلى هذه الجمعية لأنها تدعمني وتشعرني بأني مسنودة.
زينب: يعني ردود أفعال ليس إلا فقد فقدتِ البوصلة التي توجهك نحو المسار الصحيح.
وبررت كمن تنفي عنها الحرج:
لميس: ربما، لم تعلمي ما فعل بي زوجي السابق، فقد هجم عليّ في الأستوديو وأشبعني ضرباً أمام الناس.
زينب: ربّاه ما أصعب الموقف.
لميس: دائماً أشعر بحاجة إلى الأمان، أريد أن أحمي نفسي من أخي الظالم ولهذا بقيت أبحث عن رجل قوي يدعمني ويحميني وقد مررت بتجارب كثيرة انتهت جميعها بالفشل، وآخرهم كان عبد الرحيم مرزوق.
زينب: عضو البرلمان الشهير؟!
لميس: أرجوكِ احتفظي بسري لئلا..
زينب: تعرفيني جيداً.
لميس: بالتأكيد فلطالما كنتِ لأسراري مستودعاً.
أطرقت في حرج ثم تابعت:
زينب: لكن أتدرين أن له زوجة متوحشة.
لميس: أعرفها وأظنها الرعب بعينه!.
زينب: ربما لأنها ابنة رجل الأعمال (إبراهيم المعتمد). تنهدت
لميس: حياصة مرتبكة يا زينب حتى أني أعالج عند طبيب نفسي لفرط ما عانيت من اضطرابات وقلق، والعلاج ليس سوى أقراص مهدئة أتناولها كل ليلة لأنام.
زينب: ألم ترزقي بطفل؟
أخذت نفساً عميقاً:
لميس: أبداً، فقد أجهضت مرتين.
ثم سألتني:
- وأنتِ؟
زينب: أنا لي بنت وولد، ابنتي الكبرى في الجامعة وولدي في الثانوية العامة.
لميس: وكيف هي حياتك؟
زينب: الحمد لله على كل حال، فحياتي مستقرة نوعاً ما وزوجي رجل طيب وهو طبيب مكافح. لميس: هل تحبينه؟
زينب: إن من تعرف (عليّ) لابد أن تحبه.
لميس: لأنه رجل طيب.
زينب: ولأني أعرف كيف أعامله وأحترمه.
واستغرقتها نوبة شرود:
لميس: والله زمان يا زينب يسعدني أن نستأنف علاقتنا من جديد، ومتى ستعودين إلى الكويت؟
زينب: غداً بإذن الله..
وسألتها عن عودتهن، فقالت: خلال أسبوع، توقعي اتصالي.
عدت إلى المائدة العامرة بباقة متألقة من النساء لأودعهن فأنا سأغادر جنيف فجراً.
جهزت حقائب السفر بينما (علي) منهمكاً في قراءة بعض التقارير، التصقت به متوددة فقد تفق إحساسي بشكل غير منطقي، التفت إلى حاولت استنطاق مشاعره الداخلية لكنه بتر الوصل فخيب رجائي قائلاً:
الحمد لله فقد انتهينا إلى توصيات مهمة.
- ألا نتعشى يا عليّ؟
- أكلت بعض الساندوتش مع الأعضاء..
انقبض قلبي لأنها مرات مريرة ينهشني الإحساس بالوحدة..
- لم نأكل معاً إلا مرتين في هذه الرحلة؟
- سأعوضك عزيزتي.. وتأكدي أن صبرك هو سبب نجاحي، أحمد الله أن وهبني امرأة مثلك.
تراجع غضبي وتذكرت مشهداً في طفولتي وأنا أقف خلف الباب الموارب عندما عنف أبي والدتي وقت أن ألحت عليه في تناول العشاء.. كان صوته هادراً بالغضب ياكابد هماً يحمله إلى البيت.. صرخة جارحة هزت أرجاء البيت:
كم أنتِ لجوجة قلت لكِ لا شهية لي.
تحمر وجهها في اضطراب وتلعثم لسانها قائلة له:
لكنك خرجت منذ الصباح ولم..
لكنه خرج وصفق الباب وراءه..
لقد بكيتُ وقتها انكسارها الحزين حتى غفوت، لكني صحوت صباحاً على وجهها المتألق نضارة وأبي المتهالك في استرضائها يصب لها الشاي المعطر بأريج حبه ورطب لسانه، ثم قبلها وخرج إلى عمله.
اقتربت منها أتساءل:
من يراكِ ليلة أمس يظن أن جرحك لن يبرأ أبداً.
ابتسمت في نشوة وهي تحمل الأطباق إلى المطبخ:
أبوكِ يحبني يا زينب وإذا لم أتصبر عليه فإلى من يذهب بهمه، فهو لا يترك أثراً للجرح في قلبي، سرعان ما يطيبه برضا وحنان.
أفقت من شرودي على كلمات (علي) وهو يقدم لي حزمة أوراق:
اقرئي هذه التوصيات يا زينب، أحب أن أسمع رأيك.
تنهدت أحدث نفسي:
الحب يأخذ لوناً آخر في التعبير!
أكدت لنفسي أني في ذات السياق:
أمرك عزيزي.



تابع القراءة

رواية (( زينب بنت الأجاويد ))

(( مؤتمر في جنيف ))


(زينب عبد الوهاب) أستاذة جامعية وناشطة.
(علي عبد الغفور) زوج زينب.
(لميس) مذيعة في الإذاعة والتليفزيون.
(منى عبد الناصر) باحثة في شؤون المرأة.
(الدكتورة إنعام خلدون) رئيسة جمعية المرأة الشرقية.
(عفاف) ابنة زينب عبد الوهاب.
(عمار) ابن زينب عبد الوهاب.
(سلوى حميد) ممثلة وزوجة المخرج منيف شادي.
(محمود فهيم) أديب مشهور.




عزيزتي (س):
الفتاة التي استوقفتني حينما كنت خارجة من قاعة المحاضرة والتي استقرأت في عينيها حيرة جيل بكامله قد ضللته التيارات الفكرية المتصارعة، فأخذت تميل به في كل اتجاه، سألتني هل تؤيدين حق المرأة السياسي؟!
لم أكن عاجزة عن الرد في بضع كلمات قصار، وإنما صقلت لها تجربة حقيقية من أرض الواقع لتفهم أن هناك فرقا شاسعا بين التنظير والتطبيق والمعتقدات والسلوك وستؤمن بالحقيقة في منأى عن كل تأثير ومعزل عن كل إيحاء.
عزيزتي (س):
الإجابة الفعلية تكمن في قناعاتنا الفكرية بمبدأ ما أو معتقد معين والذي نستوعيه في مشاعرنا كأمر حتمي مفعم بالحماس والفاعلية فنعززه من خلال مواقفنا الداعمة للمرأة، أحيانا ننادي بشعارات تفتقد إلى الاعتقاد الراسخ ونظن أننا نخدم المرأة، وفي الحقيقة أننا نعرقل تطورها الفكري ونعيق نموها الذاتي دون وعي، ومرات أخرى نؤمن بموقع المرأة المهم في الحياة وموقفها الإنساني الذي يشاطر الرجل في التكاليف والمسؤوليات الشاملة لكل مجالات الحياة، لكننا نهزم أمام التقاليد الموروثة التي تشكل قوة نفسية مغروسة في اللا وعي، فنقع في تناقض بين قرار الوعي وقناعتنا في اللا وعي.
إننا نفتقد حالة الاتزان في تشخيص حق المرأة السياسي وهل هو جزء مبتور ومستقل عن منظومتها الحقوقية الشاملة أم هو حق مشرع ومقرر من قبل الله عز وجل لكنه غير مفعل.
عزيزتي (س):
اقرئي أحداث هذه الرواية وتجربة نسوة خضن غمار الحياة بكل صنوفها وقيمي بذاتك مواقفهن لتحددي رؤيتك بعد أن تكتشفي تماما، ما معنى الحق وهل هو ملكية مغتصبة تنتزع من أصحاب القرار أم شعور ذاتي يعتمل داخلنا وكأنه جزء من نسيج شخصيتنا، لا أرغب في تلقينك إجابة تقليدية بل أفسح لعقلك طريقاً للنقد والتحليل حتى تصلي بنفسك إلى حالة الانسجام بين ما تعتقدين وما تعملين..
جنيف / سويسرا / فندق برزدنت
ثرثرة نسوية عابرة جمعتني بثلاث نساء في مقهى فندق "برزدنت" المطل على بحيرة جنيف، بينما كنت أرافق زوجي في أحد مؤتمراته الطبية، لم أكن أقص التطفل وقد كن منهمكات في حوار متناغم شف عن انسجام فكري شديد، لكن الشقراء منهن اجتذبتني لأني أعرفها منذ زمن بعيد حينما كنا على مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية، اقتربت في إبطاء مهذب وقصدتها، صحت بغتة:
- "لميس"؟!
انفرجت شفتيها عن بسمة وضاءة واحتضنتني ملء ذراعيها.
- "زينب"؟!
- يا الله كم هي الدنيا صغيرة.. تفضلي تفضلي.
تأملت وجهها مليا والذكريات البعيدة ترسو على رصيف الذاكرة.
- لم تتغيري، ما زلت ناعمة ورشيقة.
- شكراً زينب على هذا الإطراء، فأنا بالمثل أراك يافعة، جميلة.
"وغمزت بطرف عينها" لكن مع قليل من الجرامات".
شعرت بالحرج بعض الشيء.
زيادة طبيعية بفعل الحمل والإنجاب.
انقبض قلبها وطافت سحابة حزن على محياها.
أشارت لي أن أجلس ثم عادت لبيعتها بعد ومضة انزعاج عارضة.
- أعرفك بالزميلتين العزيزتين: منى عبد الناصر "باحثة في شؤون المرأة" والدكتورة إنعام خلدون "رئيسة جمعية المرأة الشرقية"..
طبعاً عرفتما أنها صديقتي أيام الدراسة "زينب عبد الوهاب"..
- موظفة؟ "تساءلت الدكتورة إنعام"
أستاذة في كلية العلوم الاجتماعية تخصص "علم نفس".. ألفيت الإجابة متثاقلة وقد استقر أن بعيونهن خبيئتي وما تطوي هذه الرتبة الوظيفية من مهابة وفخامة، فهو اللقب الذي زادني بسطة في العلم.
تبدد وجومهن وانفتحت مغاليق قلوبهن وعرفت بعد انغماري في الحديث معهن أنهن جئن تلبية لدعوة خاصة من زوجة وزير الثقافة السويسري وحضورهن إلى جنيف كان بدافع التعرف على واقع المرأة الاجتماعي والسياسي في أوروبا ونشاطها المتقدم في كل المجالات ومحاولة تخصيب تجربتهن النامية بفكر حضاري متجدد يتناغم والفكر المعاصر. تساءلت في دهشة وأين أنت يا لميس من كل هذا العالم أما زلت تكتبين الشعر؟!
- ضحكت بمرارة ساخرة.. كتبت الشعر حتى جف قلبي فلما جف قلبي هجرت الشعر.
- سمعتك ذات يوم في الإذاعة.
"أجل"..
كانت إجاباتها المقتضبة تبتر فضولي وتقطع على طريق الاستكشاف، فما عهدتها متكتمة بهذا الشكل ولعلي كنت أبحث عن مدخل غير واع فيها يستدرجني إلى حقيقتها الغامضة، والغريب في الأمر أنني لم أجد أي علامة من علامات الأمومة على مظهرها بعد هذه السنوات، فما زالت فارعة نحيفة كما كانت في المدرسة.
رن هاتف منى بينما كنا منهمكات في الحديث.. استأذنتنا للحظات فسألتني الدكتورة إنعام "متى ستعودين إلى الكويت"؟
- بعد يومين.
- كنت أتمنى لو أسمع آراءك في المرأة خصوصاً وأنك أستاذة جامعية لها خبرة ودراية؟
هبت لميس من فورها.
- ستعجبك زينب يا إنعام فهي مناضلة من الطراز الأول.
وأكدت الفكرة، "نعم مناضلة من أجل المرأة".
عادت منى غاضبة وقد ألقت تلفونها على المنضدة بعصبية متأففة..
- هذا الرجل لا يكف عن إزعاجي بشكل مرضي.
- لميس: "فليعينك الله عليه.. أكسري القيد وتحرري منه".
أطلت النظر بلميس مأخوذة بتعابيرها فتجرأت.
"لم تحدثيني يا لميس عن هذا القيد الذي انكسر؟!"
اضطربت وشاب وجهها حمرة "انفعال ألم تعرفي أني قد تزوجت المخرج سالم برغش بيدب أنه قتلني بغيرته وشكوكه المرضية فقد أقبرني كما فعل بي أخي بسام واستعبدني حتى حطم موهبتي الشعرية".
إنعام: "مشكلة الرجل ظنه الخاطيء أن المرأة ما زالت في عهد الحرملك وجواري القصور".
- منى: لقد صنعت زوجي في وقت لم يكن سوى نكرة إذ دفعته ليتعلم ويعمل ويحقق ذاته لكنه الآن يلاحقني ويطاردني تحت ذرائع واهية وأعلم أنه محرج أمام قفزات نجاحي.
قلت في سياق الحديث "علينا إذا تغيير عقلية الرجل، أن ننسف الإرث القديم ونبني بدلاً عنه قاعدة فكرية جديدة حتى ينظر إلينا نظرة أعمق وأشمل.
- إنعام: "لقد كان شرطي في الزواج أن أضع العصمة في يدي حتى يمكنني أداء أعمال الجمعية وإدارة أنشطتها بحرية".
وهل توقعت حضور هذا الرجل؟ "سألتها على سبيل الفضول".
إنعام: للأسف ما زال الرجل يعيش نظرية الصياد والفريسة، فالمرأة القوية تزعزع ثقته بنفسه وتشعره بالنقص الكبير ولهذا اتخذت طريق الحياة الحرة دون قيد أو شرط.
- لميس: أظن قد آن الأوان كي نقلب المعادلة ونحرر المرأة من هذا القيد، لابد أن تنال حقوقها كاملة ولن يتسنى لها ذلك، ما دام الرجال هم أصحاب القرار المتنفذون في الدولة.
- مسني شيء من الضيق وحماوة أنثوية دفعتني أن أهب من مقعدي غاضبة فانسحبت مستأذنة.. "عذراً بعد قليل سيعود زوجي إلى الفندق". وعند باب المصعد ودعتني لميس قائلة: سنجتمع مساء في لوبي الفندق، نتمنى لقاءك مجدداً.
- عدت متصدعة من الداخل، حالة من السلبية عكرت مزاجي، منذ متى لم أخض هذه النوعية من الحوارات الحساسة فلطالما كنت أكتب في قضايا المرأة وأحاول تبديد تلك النظرة القاصرة، فهي ليست دمية للهو والمتعة أو كياناً معطلاً عن بناء الحياة، فأنا منسجمة مع النظرة الفطرية التي تجعلها متكاملة مع الرجل.
- وأول داعية لتحرر المرأة من ضعفها ونوازعها الدنيئة وأنانيتها واستخفافها بإنسانيتها والتسطيح الذهني في دائرة الأنوثة.
استوقفني زوجي بينما أنا مطرقة أفكر.
علي: "بماذا كنت تحدثين نفسك؟"
كنت أمشي وراءك منذ فترة.
.ينب: "حديث شيق جمعني مع بعض الصديقات".
علي: الحمد لله أنك تتسلين في غيابي.
زينب: هل تنزل الآن لتناول الغداء في المطعم؟
علي: أنا متعب جداً ومضطر أن آخذ دوشاً سريعاً وأتناول غداء خفيفاً، ففي المساء هناك حلقة نقاشية مهمة أحتاج فيها إلى تحضير بعض الأفكار.
تابع القراءة

البيت السعيد (3)

المتبرجة التي تحدت الله!
هذه القصة حدثت حسب ما ينقل في إحدى الدول العربية وتناقلها بعض الرواة عن طريق الإنترنت ولمضمونها الهادف نذكرها للقراء تعميماً للنفع والفائدة.
هذه الفتاة التي أفرطت في الزينة والتبرج في شهر رمضان الماضي وبشكل لافت جعل المارة في الشارع يلتفتون إليها بالغمز والدهشة، ركبت سيارة الأجرة فنصحها السائق أن تتعفف وتتحجب خصوصاً في هذا الشهر الفضيل، سخرت منه وهي تدفع إليه التليفون النقال قائلة بتحدٍ سافر: (خُذ هذا التليفون واتصل بربك ليحجز لي مقعداً بالنار ولك مقعداً بالجنة!!).
أتدرون.. حلت بها صاعقة فماتت على الفور في مكانها والتليفون في يدها.. حاولوا استخراج التليفون من يدها فلم يفلحوا، قبضت على هذا الجهاز ليكون شاهداً على كفرها يوم القيامة.. وضعت في ثلاجة الموتى على أن يتم دفنها في صباح اليوم التالي، جاءوا صباحاً ليستخرجوها من الثلاثة فوجدوها جثة متفحمة والتليفون لازال في قبضة يدها، تخيلوا دفنت وفي يدها التليفون إذ لم يستطيعوا استخراجه من يدها.
وتلك هي عبرة لأولي الأبصار لنتعظ ولنتفكر بقدرة الله وألطافه الخفية حينما يمهل البشرية الغارقة في الظلم والجحود ونكران الجميل، وأن رحمته علينا يمنحنا الفرصة والوقت كي نتوب ونعود إلى رشدنا.
توأم الروح
ضوابط تحمي الآسرة
1- تحصين البيت من دخوله:
((يا أيها الذين آمنو لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأذنوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون))
من آداب دخول البيت أن يستأذن الإنسان ثم يسلم وإذا لم يجد أحدا فلا يدخل البيت إلا إذا كان مأذوناًَ في دخولها متى شاء من أهلها والسبب مراعاة حرمة البيت فلعّل الرجل مع زوجته أو لعّل المرأة دون حجاب أو لعلّهم يكرهون أن تقع العين على شيء من أمورهم.
2- قوامة الرجل:
الرجل القيم على الأسرة هو صمام الأمان والحامي لها من العثرات.
3- الخادمة الصالحة:
التي تصون أسرار البيت وتحترم قدسية الأسرة وتؤدي واجباتها وخدماتها بأمان وصدق فلا تفشي لهم سراً ولا تذيع لهم خبراً.
4- الحجاب:
وعدم التبرج وإبداء الزينة لأن المرأة ستكون مطمع للأجنبي.
5- غض البصر:
يحمي الرجل والمرأة من مسالك شيطانية تسبب كوارث على الأسرة.
6- عدم الخلوة بالأجنبي:
وعدم مفاكهته فإن هذا يفتح أبواب في المشاكل التي تعصف بإستقرار الأسرة .
7- الرقابة المستمرة والتوجيه:
عين الأم الساهرة وسلطة الأب وتوجيهه يحمي الأبناء ويحصن الأسرة من الإنزلاق في المشاكل.
8- عدم الخضوع بالقول:
((فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض))
الزوجة التي تلحن وترقق في صوتها وغنجها تفتح ثغرة شيطانية للغرباء في التسلل إلى حصن الأسرة ومحاولة البعض استدراجها والتقرب منها.ولهذا كانت المرأة العفيفة هي الذليلة عند زوجها الحصان على غيره.
9- الحصانة العاطفية:
البيت المحصن عاطفياً والذي ترفرف في سمائه أجنحة الحب بيت قوي متماسك فالزوجة المحبوبة من زوجها مشبعة لن تتهافت على إعجاب الرجال والزوج المشبع عاطفياً لن يبحث عن البديل والأولاد المنعمين بالحنان لن يقعوا فريسة لرفقاء السوء وبالتالي ستحتمي الأسرة من أية اختراقات خارجية .
هموم تربوية
أبناؤنا بين الطاعة والعقوق
ثمة مسألة هامة لا يلتفت إليها شيوخنا الأفاضل ودعاتنا الأخيار وهم بصدد وعظ الناس على المنابر أو الحلقات الدينية ومجالس الذكر والتي تخص علاقة ((الأبناء بالوالدين)).
وعلى وجه التحديد انحراف الوالدين أو أحدهما مما يدفع بالأبناء إلى العقوق والدمار..
إنهم – أي الوعَّاظ- يحثون وهو الطبيعي والمفترض في الأمر- على برَّ الوالدين وطاعتهما، وصنع المعروف لهما في الكبر، وعدم التضجر والتأفف منهما فعقوقهما من كبائر الذنوب، بيد أن هناك طرحاً آخر لا يقل أهمية في الساحة وبات يشكل خطرً فادحاً يوقعنا في إشكالات شرعية وملابسات فقهية وهو موقف الابن عندما يكون الوالدين أو أحدهما ظالماً، منحرفاً، مريضاً نفسياًَ، يدمر شخصية الابن أو الابنة كيف يتصرف الابن؟ ما هو موقفه؟ كيف يخرج من جحيم هذه البيئة المريضة التي يكتنفها مناخ ملوث؟
تساؤلات توقع المسؤولين في حيرة لأن العلاقة حرجة وفيها الكثير من التعقيد يعجز الفرد منا أحياناً أن يجد لها مخرجاً مناسباً وحاسماً.
والسبب أنه في الآونة الأخيرة برزت حالات مرضية لأمهات وآباء شذوا عن الفطرة حينما مارسوا ضغطاً نفسياً مدمراً على الابن دفعه إلى الانتحار أو محاولة للانتحار وفي أغلب الأحيان الانحراف أو الإكتئاب النفسي فالآلام والعقد والأمراض كانت تنخرهم يومياً داخل البيت وما منقذ لهم ولا مخرج إلا الشكاية والتظلم.
أبناء وبنات تعرضوا إلى أذى نفسي وجسدي من آباء ساديين أو معقدين وأمهات منحرفات نضبت العاطفة من قلوبهن، مشاكل مصنفة بعناوين مختلفة لا يسع المجال لذكرها وهي تصلنا على شكل أسئلة واستفسارات لطلب النصيحة والمشورة.
المهم في الأمر
هو كيف ننقذ الأبناء الذين يقعون ضحايا والدين من هذا النوع؟ وما هو موقف الشرع والدين من ابن عاق لوالد أو والدة من هذا الصنف؟ وهل هناك قانون يحمي الأبناء؟ أتمنى أن يلتفت أصحاب القرار والمؤسسات وعلماء الدين إلى هذه الظاهرة الخطيرة وأن يتحول الخطاب التقليدي في الاتجاه الآخر بحيث يتم وعظ الآباء والأمهات والانتباه إلى خطورة هذا الأمر وأنهما سينالان عقابهما إن دفعا الابن إلى عقوقهما.. فكما هو مطلوب من الابن برَّ والديه يفترض بالوالدين احتواء الابن ورعايته بحب وحنان ومعرفة حقوقه كاملة.
نصائح ذهبية لحياة سعيدة
لكي تتخلص من القلق والتوتر


1 - البوح والكلام وعدم الكبت.
2 - عدم الالتزام بالمثالية الشديدة.
3 - لا تكن كثير الانتقاد.
4 - أعط الشخص المقابل الفرصة.
5 - لا تعمل الأشياء مرة واحدة.
6 - ساعد الآخرين.
7 - التقليل من الغضب أمام الآخرين.
8 - خطط لبرنامج يومي.
9 - تعلم الاسترخاء.
10- استيقظ صباحاً واعمل رياضة أو تمشي.
11- لا تخلط عمل الوظيفة مع البيت.
12- خذ إجازات متقطعة بين فترة وأخرى.
13- فكر بمقدار يومك ولا تقلق على عمل الغد.
14- تقبل حجم قدراتك.
15- تقبل الناس كما هم لا كما تريد.
16- إطلاق العنان والخيال للتأمل والتدبر.
17- اقرأ كتاباً ممتعاً.
18- ابتسم.
19- حاول أن تكتب ما يضايقك كنوع من التنفيس.
20- تعامل مع الناس بمحبة.
تابع القراءة

الثلاثاء، 29 يونيو 2010

البيت السعيد 2


مـن هـي المـرأة القـويـة؟
هناك تشخيص خاطئ لمعنى القوة نسمعه باستمرار بين الناس وأجزم أنه تشخيص خاطئ جملة وتفصيلاً، فالإنسان المشاكس ذو الصوت العالي والمهاجم يقيم على أنه قوياً، وقد لفت نظري إحداهن وهي تصف زوجة أخيها شاكية إنها قوية مسيطرة على أخي وعبرت عن أوصافها الأخلاقية بالمجمل أنها عنيفة، ذات مزاج عدواني، مهاجمة، عصبية، قلت لها اسمحي لي أن أقول لكِ أنها امرأة قمة في الضعف وأن أخيك يتقي شرها وإزعاجها كالطفل الذي يصرخ ويبكي فيزعج الأم فتضطر أن تلبي طلبه حتى تسلم من إزعاجه.
فلا أدري كيف اختلت القيم وصار الإنسان العديم الأخلاق قوي وأن الهادئ ضعيف ومستسلم.
وإن سألتوني من هي المرأة القوية لقلتها بكل ثقة هي (الصبورة، الصبورة، الصبورة فحسب)
نعم المرأة الصبورة هي أقوى امرأة، القوة الداخلية والتوازن والانضباط ولجم اللسان عن التشكي والقذف والسب والشتم، القوة في كظم الغيظ، القوة في مقاومة الشهوات، القوة في تحمل شظف العيش وقسوة الحياة ولهذا أغلب الروايات المروية عن رسول الله وأهل بيته والراشدين تحدثنا أن الصبر رأس الإيمان، فالصبر بمنزلة الرأس في الجسد فإن كان الإيمان يمثل شكل جسد فإن الصبر رأس هذا الجسد، وقيل أن الصابرون هم أول ناس يدخلون الجنة، الصابرون في الضّراء والسّراء، الصابرون على بلاءات الدنيا... إن المرأة المسيطرة والغضوبة والمتسلطة إنما تخفي داخلها ضعفاً مطلياً بالنقص.. أما القوة الحقيقية تكمن في صبر المرأة على نكبات الحياة وقدرتها على احتواء الأسرة بحكمة واستحواذها القلوب برقتها وحنانها، صبر المرأة على أذى زوجها يحسبه الله جهاداً في موازيين حكمته فرسول الله (ص) يقول ( خير جهاد للمرأة حسن التبعل ) وقيل هو صبر المرأة على أذى زوجها.
فليهنأ الزوج بزوجة صابرة يبشرها الله بالجنة.
توأم الروح
( بيـن ربـح الحـب وخسـارته )
هناك مواقف صغيرة جداً قد لا ينتبه إليها الزوجان قد تكون سبباً في زيادة رصيد الحب في قلب الشريك وربما نعتبرها تافهة وهامشية لكنها تعني الكثير والكثير وهي في صميم يومياتنا الرتيبة أذكرها على سبيل المثال لينتبه إليها الزوجين.
فيا أيتها الزوجة ستكسبين محبة زوجك في المواقف التالية:
(1)      عندما يرتكب خطأ ولم تلوميه أو تعاتبيه بل تهوني عليه الآمر.
(2)      عندما يخيب أملك لكنك تكتمين استياءك ولا تظهرينه.
(3)      عندما يضل الطريق وهو يقود السيارة ولا تقومين بالتهويل مما حدث بل تقولين (بسيطة).
(4)      طلبت منه شيئاً ولم يحضره لأنه نسى وقلتِ له (لا بأس).
(5)      عندما تجرحيه تعتذرين منه وتعطيه المزيد من الحب الذي يحتاجه.
(6)      تتقبلين إمكانياته عندما يعجز عن دعمك.
(7)      عندما ينسحب لا تجعليه يشعر بالذنب.
(8)      عندما يعتذر تتلقين ذلك بحب وغفران
وبالمثل أيها الزوج ستكسب محبة زوجتك في المواقف التالية:
(1)      عندما تذكر أدق الجزئيات الهامة في حياتها.
(2)      عندما تسمع لها بإصغاء وحب دون مقاطعة أو تقديم حل.
(3)      عندما تتصل عليها في مكان عملها ليتفقدها ويعبر لها عن حبه.
(4)      لا تنسى احتياجاتها وطلباتها عندما يخرج من البيت.
(5)      تحمل عنها عبء البيت عندما تمرض.
(6)      تجهز لها فطور الصباح عندما تمرض.
(7)      تقل لها أحبك عدة مرات في اليوم.
(8)      تهتم بتواريخ هامة في حياتها كعيد ميلادها ويعد زواجهما.
(9)      تذكرها بهدية رمزية تعبر عن حبه.
(10)   تثني على مواقفها في حضور الناس.
(11)   تلاحظ أي تغيير في تسريحة شعرها أو وزنها.
أعتقد إنها مواقف بسيطة يمكن تفعيلها في حياتنا لإضرام الحب.
هموم تربوية
البنــت العفيــفة
أرسلت لي مشكلتها على بريدي الالكتروني قائلة " أنا فتاة في السادة عشرة من عمري طالبة في المرحلة الثانوية من عائلة محافظة ومتدينة أرتدي الحجاب والعباءة، مشكلتي أنني في المدرسة غير منسجمة مع البنات فهن يصفنني بالمعقدة وأنني غير طبيعية لأني لا أقيم علاقة مع أي شاب ويسخرن مني ويجتنبن الحديث معي لأني في نظرهم متخلفة لا أجاري تطورات العصر تعبت جداً وأخذت أنطوي على نفسي وبدأ الشيطان يوسوس لي وأتساءل هل أنا متخلفة وشاذة عنهن، ولما كانت الفتاة التي تحافظ على عفتها منبوذة بهذا الشكل؟
 وأقول لها يا ابنتي أنت لا تعانين من أي مشكلة بل المشكلة فيهن، زميلاتك المسكينات وما ينبغي على فتاة مؤمنة مثلك هو النظر لحالهن بعين الرحمة والعطف فطالما أنت مقتنعة بمبادئك ونهجك ودينك لترضي الله عز وجل فلا يهمك تلك النظرات التافهة والتي تصدر من فتيات نهلن ثقافتهن من سوبر ستار ومن فضائيات هابطة تغرس مفاهيم الانحلال والشهوات المريضة في أذهان الشباب والفتيات.
 أنصحك بمصادقة زميلات مهذبات ملتزمات مثلك لتعقدي معهن صداقة هادفة ومميزة ولتشكلن جواً صحياً وسط هذه الأجواء المشحونة وحتماً ستتأثر بكن بقية الفتيات وستصل لهن الرسالة بوضوح فالمعقدة هي التي تقيم علاقة غير مشروعة ولا تلتزم بعفافها وحجابها فاقرئي القرآن والكتب الإيمانية الهادفة وتذكري دوماً كم عانى الأنبياء والمصلحون من مثل هذه العقليات المسطحة والمنحرفة فحقاً أنت مفخرة ووسام يوضع على صدر والديك.

نصائح ذهبية
( حتـى تكـون مؤثـراً فـي حديثـك )
كثير من الناس يشعر برهبة أما الجمهور خصوصاً إذا كان من النوع الخجول المضطرب إذ تراه يرتعش ويحمر وجهه إن فكر أن يلقي كلمته في مكان، في محفل يجتمع فيه جمع غفير من الناس، والخبراء في التنمية البشرية يقدمون لك بعض النصائح التي تساعدك على الوقوف بكل ثقة والحديث بشكل جيد ومؤثر وفعال منها:
(1)      تأكد أنك لست وحدك ممن شعر بالرهبة فأكبر قيادي العالم مروا بهذه التجربة حتى تدربوا بشكل جيد.
(2)  لا تقلق أن كلماتك غير موزونة وتعابيرك غير مؤثرة ركز على مضمون كلامك وتأكد أن الناس يصغون إلى المضمون بالدرجة الأولى.
(3)      قبل أن تلقي كلمتك تدرب على إلقائها أمام أسرتك أو حتى أمام المرآة كتجربة أولى.
(4)      وجه لنفسك كلمة تشجيع (أنا أقدر، أنا متمكن).
(5)      حاول أن تشرك المستمعين في كلمتك من خلال عرض أمثلة أو طرح تساؤلات ليتفاعلوا معك.
(6)      لون كلمتك بعاطفة مؤثرة.
(7)      كن على طبيعتك وسجيتك ولا تقلد أحداً.
(8)      ركز حماستك في الحديث.
(9)      تمرن على جعل صوتك قوياً، مؤثراً فهناك نبرة مملة خافتة وهناك نبرة قوية جذابة.
(10)   أضف الصيغة الشخصية على حديثك مستخدما أسماء الأشخاص الذين تتضمنهم القصص التي ترويها للمستمعين والمواقع بمسمياتها.

تابع القراءة

البيت السعيد 1

همس النواعم:
أسـرارها عنـد الخادمـة!
اتصلت بها جارتها لأمرٍ هام وعندما اختلت بها لتحدثها في هذا الموضوع الخطير فتحت في البداية حقيبتها وأخرجت صوراً خاصة بها، صور حميمة مع زوجها، صورها وهي في ثياب سهرة.
فسألت جارتها وهي مصدومة:
(كيف وصلت إليكِ هذه الصور؟).
وأخبرتها:
(إن خادمتك على علاقة بسائقي، ثم أخرجت المزيد من الصور وهي تقول: صور خادمتك وهي ترتدي ثيابك الخاصة في وضع حميم مع السائق).
عند ذلك قالت الجارة وهي مطرقة في أسف:
(يبدو أنكِ تهاونتِ في خصوصياتك فسلمتِ لها كل شيء).
غاصت في حرج ولا تدري ما تقول، الجارة تابعت حديثها:
(الله ستر، المهم طردنا السائق وأمر الخادمة راجع لقراركم).
انتهت القصة.
هذا هو إهمال النساء حينما يثقن في الخادمات ويتركن غرف النوم مرتعاً خصباً لنزواتهن ونهباً لأطماعهن، فتجرؤ الخادمة على العبث في أدق الخصوصيات والأسرار وانتهاز الفرص للسرقة والتطاول حتى على الثياب الخاصة، وما وراء هذا الإهمال والتسيب سوى الفضائح ولندم في وقت لا ينفع الندم.
للأسف فإن كسل بعض النساء وغفلتهن جعل الخادمات يتحكمن بأدق شؤون البيت، بل هن يسيّرن نظامه وهن من يتحكمن بمزاج كل فرد فيه حتى يصل الحال في بعض الأحيان أن تخطط للإيقاع بالزوج في غياب الزوجة وعدم رقابتها ومتابعتها.
توأم الروح:
زوجي العزيز افهمني!
لوحظ أن أكثر المشاكل التي يصادفها الزوجين في حياتهما هي مشكلة التواصل، إذ لا يعرف ما يريد كل طرف من الآخر وكيف ينقل الأفكار إلى شريكه؟ ولا يدرك كيف ينقل الشريك مشاعره الحقيقية لشريكه فتأتي الأفكار غامضة والرسالة متعثرة، وهذا بالتالي يؤدي إلى مزيد من الإحباطات والخصومة الشديد وقد نلاحظ أن أغلب النقاشات بينهما تنتهي بالغضب والحزن والتوقعات السلبية عند الطرف الآخر، فهما يتناقشان بشكل غامض ولا ينتهيان بنهاية تُرضي الطرفين وغالباً ما نجدهما يدوران في حلقة مفرغة، فماذا يقولان؟

يقول الزوج؟

تقول الزوجـة

- في كل مرة أتحاور مع زوجتي ينتهي بنا الأمر إلى خلاف.
- عندما أدخل في حوار معها يكون الكلام كله لها.
- نحن زوجين لا نعرف للحوار طريقاً.
- تنسحب من الموقف عندما تتضايق.
- كثيرة الكلام.
- تقاطعني عندما أتحدث.
- لا نصل أبداً إلى نقطة تفاهم.

- زوجي أصمّ لا يستمع أبداً لما أقوله.
- أشعر بالضيق والتردد عندما أرغب في محاورة زوجي في موضوع ما.
- الحوار مع زوجي غير مفيد.
- يسكتني أثناء الحديث.
- لا يرغب في المناقشة.
- غامض جـداً.
- لا يبدي موافقـة.
- قليل الكـلام.
- لا يُظهر علامات إصغاء عندما أتكلم.


هموم تربوية:
لا تجعل من طفلك جاسوساً
من الأخطاء التربوية الشائعة أن بعض الآباء يتخذ من أحد أبنائه جاسوساً على أمّه وأخوته في غيابه يتقصى حركاتهم وسكناتهم، أفعالهم واتصالاتهم، وعند المساء يأتي الأب ويسأل ابنه ليدلي له بالمعلومات الدقيقة والمفصلة ليحصل على المكافأة المادية من الأب أو القرب المعنوي منه ليبدأ بعدها الأب حسابه مع المخطئين في الأسرة، هذا الابن الجاسوس سينال مكانة كبيرة في الأسرة والتي ستجعل له مهابة وسُلطة بحيث يبدأ الآخرون الحذر منه إذ يحسبون له ألف حساب خشية أن يشي بأخطائهم إلى الأب، لكن هذا الأسلوب له تداعيات كثيرة على هذا الابن وعلى الأسرة، منها:
1- سيولد في نفس هذا الابن شعوراً بالطغيان وحب التجسس وسيكبر معه حتى سنين النضج طالما لم يكن هناك رادع.
2- قد يبالغ هذا الابن في صنع أكاذيب وافتراءات بغية نيل المكافأة من الأب أو للتقرب المعنوي منه.
3- سيخلق فجوة وأزمة ثقة بين هذا الابن وأخوته.
4- خلق النزعة المادية في ذات الابن واسترخاصه أهمية القيم الإنسانية لأنه سيعتاد هذا الأسلوب في نشأته وحتى الكبر ليستغلها مستقبلاً في تحقيق مآربه الخاصة.
إن القرآن الكريم نهى صراحة عن التجسس خاصة في الأمور الاجتماعية والعائلية، فالتجسس أمر يختلف عن (الرقابة) التي ينبغي وجودها في الأسرة لضبط أي سلوكيات خاطئة، لأن الرقابة لا تعتمد على التصيد والنبش والأساليب الملتوية.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً) الحجرات/12.
قواعد ذهبية لحياة سعيدة:
لا تكُن شاكيـاً
كثيراً من الأشخاص حينما يجلسون في مكان ما وبرفقة أصدقاء لا حديث لهم سوى الشكوى والتذمر وبث الهموم والأحزان، بل ويبالغون في وصف أمراضهم ومعاناتهم وضائقتهم المالية لعلّه استدرار للعاطفة وشد الانتباه وهم لا يدورن أنهم بذلك يثقلون كاهل الحاضرين ويبثون سموماً وطاقة سلبية في الجالسين مما يجعل الجلسة كئيبة ومزعجة ومنفرة، فالناس تجتنب الأشخاص النكديين الذين يدخلون بوجوه متجهمة وهموم الدنيا فوق رؤوسهم، إن هؤلاء لا يبحثون عن حلول فالناس من حولهم لن يقدموا لهم حلول بل هو نوع من التنفيس الذي يترك أثراً سلبياً على الآخرين، فإن أردت أن تكون محبوباً بين الناس خفّف عنهم غمك ولا تشتكي وتتذمر لأن كل الناس يعانون وربما أكثر منك معاناةً لكن طبيعة النفس البشرية تنفر من هذه النوعية من الأشخاص ولا تنسى أنك حينما تشتكي بهذا الشكل إنما تهدر قيمتك وكرامتك وسيجدك الآخرون لست قوياً ولست ذكياً بل عبئاً يودون الفرار منه، فتذكر أن (الشكوى لغير الله مذلّة).

تابع القراءة

العلامة الأستاذ المفكر (مرتضى مطهري)

مولده ونشأته:
ولد الشهيد المطهري في 13 جمادي الأولى عام 1338هـ قمرية في أرض خراسان، والده المرحوم الشيخ محمد حسين مطهري- تربى الأستاذ الشهيد في حجر هذا الوالد المتقي وابتدأ دراسته في المدارس القديمة، وكلما ارتقى الأستاذ في مدارج العلم والتقوى ازداد حبه وتعلقه بالمسائل الإسلامية، حتى جاءت الساعة التي قرر فيها الرحيل إلى أرض مشهد المقدسة ودرس فيها المنطق والفلسفة والحقوق والأدب، ثم سافر الشهيد إلى قم المقدسة وعمره سبعة عشر عاماً وهو يحمل في قلبه شوقاً وحباً عظيماً إلى دراسة العلوم على يد العلماء الكبار، وبالفعل تحقق له ما أراد ونال مناه، فتشرف بالحضور عند كبار علماء الطائفة آنذاك وهم الإمام الخميني ودرس عنده الأخلاق والدراسات العليا في أصول الفقه ودرس السيد محمد حسين الطباطبائي الفلسفة الإسلامية.
· مميزات النشاط العلمي عند الشهيد المطهري:
تميز النشاط العلمي عند الشهيد المطهري بعدة مميزات لا توجد إلا في القلائل من أمثاله وهذه المميزات ممكن أن نقول أن قسم منها كان فطري وقسم آخر كان بسبب تربيته على يد الإمام الخميني، وقسم آخر كان بسبب اجتهاده وتربيته الإسلامية لنفسه، وأعرض بين يدي القارئ أربع مميزات:
1- كان المفكر الشهيد يعتقد أن رجل الدين يجب أن يتكامل في الأخلاق كما يتكامل في دراسته العلمية، ولا يمكن للإنسان أن يبلغ الكمال إلا بالمعرفة والطهارة النفسية.
2- كان الشهيد يعتقد بحرية الفكر والعقيدة ولكن الحرية النابعة من العلم والمعرفة لا الحرية القائمة على الظنون والأدلة الضعيفة وعدم احترام مقدسات الأديان، وهذا الأمر نابع من إدراك المطهري إلى حقيقة وهي أن حفظ المبادئ الإسلامية ونصرتها لا تتم إلا بقوة العلم ومنح الحرية للأفكار المعارضة ومواجهتها بالقوة العلمية والحكمة الإسلامية، إن الحرية بهذا المعنى هي سر خلود وبقاء الإسلام، وكان المطهري في هذا محقاً لأن الإسلام كان شجاعاً وصريحاً في مواجهته للأفكار المختلفة لأنه يملك الحجة والبرهان القوي.
3- تميز الشهيد بأفق منفتح على جوانب الحياة فكانت بحوثه وكتاباته متنوعة، فكانت له بحوث في العقائد والفلسفة والفقه والمنطق والسياسة والمجتمع وحقوق المرأة والحجاب.
4- كل إنسان مثقف قرأ كتب الشهيد المطهري لا شك أنه وجد خصوصية الإبداع في الطرح، فقد كان الشهيد يتمتع بقوة الإبداع في طرحه للبحوث وكان يملك أسلوباً رائعاً في طرح المشكلات العلمية والاجتماعية ومعالجتها بأسلوب علمي ومقنع، وكان يعتمد في هذا على الآيات القرآنية والنصوص الروائية والبرهان المنطقي وهذه الميزة تبدو بوضوح في مجموعة آثاره القديمة.
5- تميز الشهيد بنفوذه القوي عند الشباب وهذا يرجع إلى إطلاع الشهيد على مشكلات المجتمع، وقد كان لا يترك أية فرصة تسنح له لتوضيح الإسلام وتقديمه بصورة جذابة للشباب، وقام الشهيد بالتدريس والتثقيف في الجامعة وخارجها من أجل تنشئة جيل إسلامي مميز من عمق الجامعة، ولأهمية كتبه الثقافية والعلمية نصح الإمام الخميني الشباب بقراءة كتب المطهري، فقد قال: (أوصي الطلبة الجامعيين الأعزاء والطبقة المثقفة المتنورة الملتزمة، ألا يدعو دسائس غير المسلمين تنسيهم مطالعة كتب هذا الأستاذ العزيز) ولقد كان لهذا الكلام التأثير الكبير على نفوس المسلمين حتى ترجمت مجموعة من كتبه للغة العربية وأصبح المثقف لا يستغني عنها في مطالعته وكتاباته.
· الشهيد والثورة الإسلامية:
للأستاذ الشهيد دور ريادي في مسيرة الثورة الإسلامية، فقد كانت له نشاطات قبل الانتصار وبعد الانتصار، فقبل الانتصار له نشاط سياسي واسع وتأثير كبير في نفوس الشباب الإيراني، وكان في ذلك تابعاً للإمام الراحل وسائرا على نهجه الوضاء، وبسبب قوة نشاطه وحركته السياسية اعتقل مدة ثلاثة وأربعين يوماً، وعلى أثر اعتقاله ضغطت الجماهير والعلماء على السلطات آنذاك وبالفعل أفرج عنه وعاد إلى نشاطه العلمي والسياسي من جديد إلى أن بزغ نور الانتصار على يد قائدها الكبير الإمام الراحل.
· رحل قرباناً للإسلام والثورة:
أدرك أعداء الإسلام الدور التربوي والثوري الذي كان يقوم به الشهيد في أوساط المجتمع الإيراني، وأن بقاء هذا الرجل على الحياة سوف يكون له دور سلبي على الأفكار الغربية والشيوعية فقرر هؤلاء اغتيال الشهيد وبالفعل اغتيل الشهيد والتحق بشهداء الثورة والإسلام، وجمع بين الفضيلتين فضيلة العلماء وفضيلة الشهداء، نعم رحل الشهيد ولكن شمس دمه المشرقة زادت سماء الإسلام مجداً وعظمة وشعت بالنور على الثورة الإسلامية فمنحتها حياة وحركة جديدة، وهذا يوم ذكرى استشهاده يتخذ يوماً رائعاً يوم يحتفل فيه الشعب الإيراني بالمعلمين ودورهم الريادي ويلقى هذا اليوم اهتماماً كبيراً في جميع أنحاء إيران ومن جميع الطبقات من الإمام القائد حظفه الله إلى جميع المستويات العلمية، ومن مجموع تسعون من آثاره العلمية ترجم 64 كتاب إلى 26 لغة من اللغات المشهورة في العالم- حيث الأغلبية وعددهم 55 كتاب إلى اللغة الإنجليزية و 52 أثر باللغة العربية.

تابع القراءة

الأديبة الأميركية (( مارغريت ميتشل ))

طرحت ((بيجي مارش)) السؤال التالي على نفسها: ((كيف ابتدأ كل ذلك؟)) كانت طريحة الفراش لمدة 3 سنوات.. ثلاث سنوات بأكلمها.. إنه لزمن طويل جدا وعليها القيام بشيء ما،
كيف حصل هذا الحادث؟ كانت تقطع الطريق مع زوجها.. في إحدى المناطق الراقية بمدينتها ((أتلانتا)).. طريق هادىء.. خصوصاً في هذه الساعة.. الثامنة مساء.. فجأة تأتي سيارة مسرعة.. تتوجه نحوها بالذات وتظل هي جامدة بمكانها. وحبذا لو ظلت واقفة. أخذت تتوجه يمنياً وشمالاً. خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء.. إلى أن وقع الحادث.
وها هي الآن طريحة.. تنتظر العملية الأولى.. والثانية والثالثة.. عمليات لا تنتهي.
وتتحول ((بيجي)) الشابة الحيوية إلى امرأة لا تملك ذرة من الشباب مع أنها لا تشكو.. لكن وجهها الشفاف يفصح عن كلا آلامها.
الأسابيع تمضي، الشهور تمضي.. ثلاث سنوات تمضي. فترة طويلة لإنسان اعتاد الحركة والحيوية. معظم وقتها تقضيه في القراءة.. تقرأ دونما تخطيط كل شيء يجلبه زوجها لها. تلتهم الكتب العلمية، فجوعها للقراءة لا يعوض.
في إحدى الليالي يعود زوجها محملاً بالكتب ويقول: ((هذه آخر دفعة.. لم يعد في المكتبة ما تقرأينه))، ويضيف مازحاً: ((لماذا لا تؤلفين أنت بنفسك كتاباً.. خذي، هذه هي الأوراق وها هو القلم)).
السيد ((جون ر. مارش )) من كنتاكي.. يعمل كمدير لمعمل توليد الكهرباء في أتلاتنا.. وكان في السابق صحفياً. أي أنه ليس بعيداً عن التأليف والكتابة. أما زوجته فكانت تعمل لمدة ست سنوات في صحيفة أتلاتنا كمراسلة. فلماذا إذاً لا تقضي بعضاً من وقتها في الكتابة؟
((بيجي)) المرأة الصغيرة ذات الشعر الكستنائي والعينين الزرقاوين والوجه الشاحب. عندما يراها المرء يعتقد أنها لا تعرف العد حتى الثلاثة.. لكنها بالعكس، امرأة ناضجة، وناضجة جداً..
أخذت تفكر بكلمات زوجها. ولكن ماذا عساها أن تكتب؟ وحول أي موضوع؟ في الواقع، هناك موضوع واحد يثير اهتمامها. تاريخ بلادها. ومرحلة معينة بهذا التاريخ.. الحرب الأهلية.
((بيجي)) أو ((مارغريت)) المولودة عام 1900 لم تغادر موطنها ((جورجيا)) إلا عند ذهابها إلى أتلانتا. أجدادها كما تذكر عاشوا بـ ((جورجيا)) في الجنوب. كانوا مزارعين ومحامين وضباطاً وكهنة.
الأب ((يوجين ميتشل)) كان محامياً معروفاً.. مختصاً بتاريخ الولايات الجنوبية. ولسعة معرفته انتخب كرئيس لـ ((الجمعية التاريخية في أتلانتا)). كذلك الأم ((مايبل ستيفنز)) كانت تملك معرفة واسعة بالتاريخ، وبالأخص تاريخ الولايات الجنوبية الذي كان يعتبر الغذاء اليومي للعائلة كلها. أيام السبت والأحد.. تفتح النقاشات حول سقوط الولايات من الاتحاد، والأسباب الرئيسية التي أدت للحرب الأهلية، والتناقض الاقتصادي بين الولايات الشمالية والجنوبية، والتجارة الحرة والحدود، وقضية العبيد، وانتخاب ((لينكولن)) كرئيس للاتحاد عام 1860، والارتباط الكونفدرالي للولايات الجنوبية، وإعلان الحرب في 14-4-1861، والخسائر الكبيرة ما بعد الحرب، ومرحلة البناء. جميع هذه القضايا قد نوقشت ووضحت مئات المرات.
والمهم الآن.. هو اتخاذ القرار بتأليف الرواية، التي ستدور حوادثها في تلك البلاد وذلك الزمن.. وشخوصها سيطرحون مشاكل ذلك العصر.
إنها تعرف، الانفجار الاقتصادي والنظام الاجتماعي والمرحلة الجديدة المضطربة التي أدت إلى المعاناة والبؤس والفساد.
ستدور الأحداث في مدينة أتلانتا التي تعرفها جيداً. ولكن أهناك موضوع محدد؟ هناك شيء من هذا القبيل، لا تعرف إن كان يستحق أن تدعوه ((موضوعاَ)).
حتى أنها أخفت ذلك عن زوجها، وقررت البدء بالكتابة. أقلام الرصاص متوفرة ودفاتر مدرسية تعثر عليها في مكان ما. ولكن، من أين ستبدأ؟ تصاب فجأة بالخيبة لاتخاذها هذا القرار. كيف؟؟ وهي ((بيجي)) الصغيرة المراسلة في صحيفة أتلاتنا. قمة نتاجاتها كانت لا تتعدى المقابلة الوحيدة التي قامت بها مع الممثل ((رودولف فالنتينو)). والآن، تقوم بتأليف رواية.. ربما تتعدى المائة صفحة!! يا للغطرسة! أيام طوال وهي تنظر إلى دفترها وبفمها القلم، لا تجرؤ على كتابة أول جملة. الجملة الأولى.. الفصل الأول.. إنه أشبه بالقفز في ماء متجمد. لا يعرف المرء كيف الخروج منه ثانية.
لا، إنها لا تجرؤ على ذلك. الأفضل أن تبدأ ن وسط الرواية. على الأقل أمام نفسها. وكأنها قد قفزت فعلاً في الماء المتجمد. وهكذا تبدأ مارغريت من النهاية، وبالجمل التي ستكون نهاية الكتاب. كانت مقتنعة تماماً بأن كتابها لن يرى النور أبداً. ولن تكتب فصوله الأولى.. ولا تعتبره سوى تجربة.. لقضاء وقت لا غير.
فتصبح أكثر جرأة وثقة بقلمها. وتبعد الخوف عنها وتبدأ تخط بقوة. الجمل تكتسب موضوعاً والشخصيات تتبلور. وتنتهي من الفصل الأخير. وتبدأ بالفصل الذي قبله. وهكذا إلى أن تصل إلى البداية. إنها لرواية حقيقية.
وها هي قصة ((مارغريت ميتشل)) التي تنسخها على ورق من مختلف الأحجام والألوان. وبأقلام الرصاص والحبر سواء.. إلى أن تتكون لديها نصوص غريبة الشكل، تنمو وتتكدس يوماً بعد يوم.
((جرالد أوهارا)) اللاجيء الايرلندي الذي دخل الولايات المتحدة عام 1848، حط في مدينة ((جيورجيا)) وابتاع له مزرعة أسماها ((تارا))، كان سعيداً بزواجه، ولديه ثلاث بنات. إحداهن كانت تدعى ((سكارليت)) شعرها أحمر وعيناها خضروان وذات طبع جاد.. منذ صغرها وهي تتحلى بصفة العناد. وفي سن الخامسة عشرة بدأت تدير رؤوس الرجال. إنها ((الملكة الصغيرة)) في البلد. كانت دائماً وراء فسخ الخطوبات التي تحظى بها رفيقاتها. وفي السادة عشرة تغدو امرأة ناضجة ولطيفة المعشر، وتعرف الحب بكل آلامه.
إنه ((اشلي ويلكس)) الذي أحبته. إنسان عاطفي وحالم. نموذج غريب بالنسبة لرجال عصره. لكنه يولي اهتمامه لصديقة ((سكارليت)) ميلاني، ذات الجمال الناضج. تقرر سكارليت كسيب أشلي بأي ثمن. وفي إحدى الحفلات تدع كل ألغامها تتفجر.. أشلي يعترف لها بحبه لميلاني. سكارليت لا تصدقه، ويعتريها الغضب مما اكتشفته. حصل كل ذلك أمام ((ريت بوتلر)) الرجل الوسيم الذي تعشقه جميع الفتيات، ويدعونه معشوق المزرعة بأسرها. إنه يتحلى بذكاء حاد ولديه خبرة كبيرة في إدارة المسائل التجارية. ببصقه على الحياة يأخذ مركز الصدارة. سكارليت تعجبه.. ويعترف لها بذلك.
أشلي يتزوج من ميلاني.. وسكارليت تفقد أعصابها لأنها ما استطاعت الوقوف حيال ذلك. وتقرر الزواج من أول إنسان يأتي طالباً يدها. ويكون شقيق اشيلي الذي ستعيش معه في أتلانتا. وسترى أشلي كل يوم.
وتندلع الحرب الأهلية.. أشلي وشقيقه يشاركان في الحرب.. ويستشهد زوج سكارليت، الذي كان على علم بأنه سيصبح أباً. ويعود أشلي في أجازة ويطلب من سكارليت الاعتناء بميلاني.
وبعد انقضاء فترة من الزمن تلتقي سكارليت بـ ((ريت بوتلر)) الذي انجرف لفترة في منزلق الحرق وعاد منه يملك ثروة لا بأس بها. وعادة يحصل ((ريت)) على كل ما يبتغيه. وتقترب الحرب أكثر فأكثر. ميلاني تنجب طفلها الأول. وسكارليت مازالت تعتقد أن أشلي لم يتزوج من ميلاني إلا لمجرد الضغوط العائلية. وهو مايزال يحبها. وما أمامها الآن، إلا ميلاني التي أنجبت طفلاً لأشلي. وعليها هي الاعتناء بالأم والطفل معاً.
ويقترب العدو من أبواب تايلانتان يقصف ويحرق. سكارليت تفكر بالهرب مع ميلاني وابنتيهما، فتنادى على بوتلر وتطلب منه المساعدة.
يتم الهرب بعربة نقل. كان هروباً فوق المنحدرات والأنقاض والبيوت المحترقة وتنجح عملية الهرب. ((ريت بوتلر)) يتخلى عن عناده.. وعن قناعته بأن هذه الحرب لا فائدة منها وأن الجنوبيون سيخسرونها، ويتخذ قرار بالدفاع عن الجنوب المهزوم. إنه إنسان غريب الأطوار ومليء بالتناقض ويضع قوانينه بنفسه.
وأخيراً، تكمل سكارليت رحلتها وبعد مغامرات عدة.. تصل إلى موطنها ((تارا)) معتقدة بأنها ستجد أهلها وبيتها الذي ترعرعت فيه. لكنها لم تجد سوى نصف بيت محروق، رماده يتطاير، الخدم السود قد فروا والأم توفيت والأب أصيب باختلال في عقله بعدما رأى بأم عينيه انهيار عالمه الوحيد.
ويهجم الجوع.. سكارليت تتضور جوعاً، وبيديها العاريتين تقوم بنبش الأرض لتستخرج منها البطاطا، معاهدة نفسها.. على أن لا تجوع ثانية.
السيد ((جون ر. مارش)) كان يستعلم بين الفترة والأخرى تليفونياَ عن زوجته ويسألها: ((ماذا حل بروايتك؟)).
((يا جون، إنها ليست رواية.. لم أكتبها إلا لقضاء الوقت!))
جون كان مقتنعاً، بأن زوجته ليست في الحالة التي تؤهلها لتأليف رواية. لذا يرفض التدخل، ولا يطالب زوجته بقراءة فصولها أمامه. وحتى لو أراد ذلك، فهو لا يستطيع قراءة النصوص بنفسه، لأن الخط رديء جداً، وعينا ليستا بحالة جيدة.
أما مارغريت، فكانت تتنهد باستمرار. فتأليف الرواية أصعب وأشق مما كانت تتصور. إنها تعرف كل ما يدور في روايتها: الزمن، المحيط، الوضع الاجتماعي.
لكنها تكشف أن هناك أشياء كثيرة لم تعرفها قط.
حينما كانت مراسلة، كان لديها شعور كبير بالمسؤولية إزاء ما تكتبه. وما تحتاجه الآن، هو سبعة شهور للتصفح بالكتب التاريخية ومراسلة أكبر الجامعات المختصة، للحصول على الأرقام الصحيحة.
ويقوم زوجها بمساعدتها حانقاً ((ليتني ما اقترحت عليكِ ذلك الاقتراح)) ويسألها: ((ماذا سيكون اسم الرواية؟)). ((ذهب مع الريح)) تجيبه مارغريت إنه عنوان قصيدة للشاعر ((أرنست دوسونز)).
ذهب مع الريح.. العنوان وحده يشير إلى أن مارغريت لا علاقة لها بتلك المرأة الصغيرة ((بيجي)). أحرزت تقدماً ملحوظاً، أكثر من أهلها وأجدادها. إن ما حدث قبل سبعين عاماً لا وجود له اليوم، كما هو الحال بالنسبة لكافة الجنوبيين. ((الأمس)) لقد ذهب بالفعل. كما تذبل أوراق الشجر وتذهب مع الريح. لقد كسبت شوطاً، لكنها مازالت تؤمن بأنها لا تستطيع أن تصبح روائية في يوم من الأيام: ((أنا أنتج بشكل بطيء.. هذا لا يسمى تأليفاً)). في هذه الأثناء تتحسن صحتها وتقوم بنفسها بالأعمال المنزلية وتخرج مع زوجها للنزهة أو للسينما. والنصوص المهملة خلف منضدتها تنمو يوماً بعد يوم رغماً عنها.
((أعرف شيئاً واحداً)) تقول مارغريت في أحد الأيام لزوجها ((إذا انتهيت من كتابة هذه الرواية.. فلن أعيد الكرة ثانية إطلاقاً)).
((كما تشائين)) يجيبها ((جون))، وهذا أنسب بالنسبة إليه. إنه لم يفعل شيئاً غير أنه اقترح اقتراحاً.. وذلك لقضاء وقت فراغها.
الآن.. وقد تحسنت صحتها، فلا داعي لشيء من هذا القبيل. ولكن الرواية تظل أقوى منها ومنه. إنها لا تعرف ما الذي يجذبها دائماً إلى طاولة الكتابة.
ربما كانت بطلة قصتها ((سكارليت أوهارا)) التي تنوي إنهاء قصتها.. ربما.. إذن، تعود سكارليت إلى موطنها فتجد البيت مهدماً والأم متوفية والأب قد فقد عقله فترغم أخوتها وتزعم ميلاني على مساعدتها.. وترتب كافة الأمور بحيث يستطيعون السكن وملء بطونهم.. ملء بطونهم فقط..
ويعود اشلي من الحرب. وفي لمح البصر تغدو سكارليت سعيدة. لمحة بصر واحدة فقط. لأنه عاد إلى الآخرين.. وليس إليها.
وتتدهور أحوال سكارليت المادية.. فتحتاج للنقود لإدارة المزرعة ولدفع الضرائب. فتعتزم الذهاب إلى المدينة للقاء ((بوتلر)).. المسجون حالياً. سكارليت كانت بوضع يسمح لها حتى بيع نفسها، فتقوم بتمثيل دور غرامي. بوتلر لا يأبه لها.. إنه يعلم أنها تعاني الفقر وبحاجة ماسة للنقود.. وأنها لم تأت إليه بالذات بل من أجل نقوده. ويصارحها بذلك.
وتصاب بيأس ما عرفت له مثيلاً في السابق، وتتزوج من رجل آخر.. يملك ثروة لا بأس بها، تكفي لدفع الضرائب وتدبير أمور المزرعة.
وتصبح تاجرة كبيرة.. تاجرة مندفعة، لا تتردد إزاء أي شيء يتعلق بجمع المال. وتقوم بتوسيع مزرعتها، وتبتاع طاحونة وتستخدم اشلي. لا يعيبها أن تستخدم حتى المساجين عندها. فكلما كانت الأيدي العاملة رخيصة ازدادت ثروتها. وكاد ذلك يقودها للخراب.
ففي إحدى المرات.. ركبت عربتها وضد إرادة زوجها. فهاجمها لصان على الطريق، تخلصت منهما بالكاد، بعد عناء طويل. كل رجال الجنوب يعرفون ما يحصل بعد حادث كهذا.
ودون علم سكارليت، يلتقي ((أشلي وبوتلر)) بزوجها ويتفقون على القيام بمناورة ليلية. زوج سكارليت يقع في وسط الطريق.. ويصاب بجرح عميق.
ويقول ((ريت بوتلر)) إن سكارليت أخطر من أن تظل طليقة. إنه لا ينسج الخيالات بخصوص حبه لها. إنه يحبها فعلاً ويود الزواج منها. كي يضع حداً لتصرفاتها الحمقاء.
وبطريقة مفاجئة تقبل سكارليت بعرض الزواج. مع أنها لا تحب ((ريت)) إلا أنه يدهشها أو بالأحرى النجاح الذي يحرزه ((ريت)) باستمرار هو الذي يدهشها. تود اكتشاف سر النجاح هذا.
الطفلة التي ولدتها منه سكارليت.. يريدها أن تنمو وسط حياة شريفة.
زواجهم غير سعيد.. سكارليت لا تحب زوجها ولا تجهد نفسها بإخفاء هذا الشعور. فتهم بطرد ريت من غرفة النوم التي يتقاسمانها.
حنقه على عدم جدوى هذا الزواج، وعلى زوجته التي ما زالت تحب أشلي ينمو يوماً بعد يوم. لكن في إحدى الليالي يحدث بينهما موقف يقلب مشاعرها..
الآن بدأت تحب زوجها. لكنه يقرر هجرانها بعد أخذ طفلته معه.. إلى لندن.
سكارليت تنتظر عودة زوجها بفارغ الصبر، إنها تريد الآن أن تكون زوجة نافعة ومخلصة. إنها تحبه لكنها لا تعلم بذلك.
ويعود زوجها.. وينشب سوء تفاهم بينهما.. فيفقد ريت أعصابه ويدفع بسكارليت من على السلالم. النتيجة كانت الإجهاض.
ريت يدرك ذلك متأخراً.. ويندم لما فعله.
فأصبحا يعيشان كغريبين..
وتحدث تراجيديا جديدة.. ابنتهما تفارق الحياة بعد وقوعها من على ظهر الجواد الذي كانت تمطيه. سكارليت تضع اللوم على زوجها وبدون مبرر تحمله مسؤولية موت ابنتها.
ويلي ذلك موت ((ميلاني))، التي حاولت دوماً أن تكون صديقة لسكارليت.
ما أرادت يوماً أن تصدق الأقاويل التي تحكي عن أشلي وسكارليت. كانت تؤمن بزوجها. ريت، المغامر، يعرف أفضل من أي إنسان آخر قيمة ميلاني، وحزنه كان حقيقياً.
أصبح الطريق بالنسبة لسكاريت ممهداً. هل سيرضى أشلي الزواج منها، فيما لو تركت زوجها؟ بعد مرور عشر سنوات، ومازالت تحمل له الحب، فلابد أن تجد لديه قسطاً بسيطاً منه.
لكنه ما أحب يوماً امرأة غير ميلاني.. وبعد موتها لا يفكر بامرأة سواها. فجأة تكشف سكارليت بأن هذا الحب ما كان حباً بمعناه الحقيقي وإنما حب الانتقام لكبريائها الجريح.
فمن هو الإنسان الذي تحبه؟ أنه ريت.. زوجها، الذي قرر الرحيل نهائياً.. وتحاول سكارليت إبقاءه، وتعده بأنها قد تغيرت، فلا يصدقها.. وحتى لو أراد ذلك.. فالأوان قد فات.
سكارليت، المرأة الجميلة والغنية.. تهجر من قبل زوجها. وتتصرف سكارليت كما تتصرف دائماً إذا أصابتها محنة ما.. غداً، ستسيطر ثانية على ((ريت بوتلر)).
هل سيجد هذا المخلوقان المتشابهان طريقهما إلى بعضهما البعض؟
هذه هي القصة التي ألفتها ((مارغريت)). كل شيء انتهى ما عدا الفصل الأول، الذي لا تجرؤ على كتابته. ولماذا يتحتم عليها كتابته؟ مادام لا أحد سيقرأه. حتى زوجها، لم يحاول ذلك. وليس هناك أي دار نشر لديها الاستعداد لطبعه. وإذا أرادت طبعه، فعليها إعادة كتابته، والتفتيش عن دار نشر مناسبة. مجرد الفكرة تجعلها تحمر خجلاً.
ماذا سيقول العاملون.. والسكرتيرات.. ماذا سيقولون لشخصياتها الخيالية، وأي شعور سيتملكهم إزاءها؟
لا، لا أحد سيقرأ ((ذهب مع الريح)) ... وهذا قرار نهائي.
وتحدث المعجزة فجأة:
يظهر في أتلاتنا صاحب أكبر دار نشر في أمريكا ((هارول س.. لاتام)) باحثاً عن كتّاب ناشئين. ويتعرف بالسيدة ((مارش)) التي تصحبه للقيام ببعض الزيارات وتخبره، بأنها قد ألفت رواية، فيرجوها أن تطلعه على نصوصها. لكنه عندما يرى علبتين كبيرتين تتأبطهما مارغريت، اعتقد بأنه سيغمى عليه، وحمل النصوص معه إلى نيويورك سيرغمه على شراء حقيبة جديدة.
ويبعث النصوص لأحد المسؤولين في الدار، وهو يتخيل نص الرسالة التي ستصل لمارغريت تعلمها بعد الموافقة.
في التالي يظهر المسؤول بعينيه المنتفختين، ليقول إن الرواية ينقصها الفصل الأول: ((إما أكون أنا أهبل، أو أنها آخر صرعة تشهدها هذه الأيام)).
في الليلة التالية يتوصل السيد ((لاتام)) إلى القناعة.. بأنه لا يجوز لمسؤول كبير في الدار أن يكون أهبل.
هكذا أصبحت الرواية، أو بقية الرواية.. من أشهر الكتب في القرن العشرين. لقد بيع منها في الولايات المتحدة 4 ملايين نسخة، في لندن وباريس مليون نسخة، وفي ألمانيا نصف مليون نسخة. ومارغريت تُصبح بين ليلة وضحاها من أشهر النساء، لكنها لا تعترف بذلك.
لا تسمح بالمقابلات والتصوير. لا تبني لنفسها بيتاً أو فيلا. ولا تبتاع سيارة أنيقة. إنها تواصل حياتها السابقة.
وتتحول الرواية إلى فيلم.. وتكتب مقالات عديدة حوله، تكفي لإصدار مجلدات ضخمة. أما مارغريت ميتشل فتلتزم الصمت.
ويقدم العرض الأول للفيلم في مدينة أتلاتنا، وتدور حوله مناقشات طويلة، وكانت الحرب الأهلية قد اندلعت من جديد.. مع الفارق. هذه المرة، الجنوب هو الذي يكسبها. الجميع يتهافتون إلى أتلانتا. أما مارغريت ميتشل فتقرر السفر. ويتحول الفيلم إلى نجاح عالمي ساحق، وشهرة مارغريت تتصاعد يوماً بعد يوم، لكنها لا تعترف بذلك. عام 1929 نقلت إلى المستشفى بعد الحادث الذي وقع لها.
بعد عشر سنوات تصدر روايتها.. وبعدها بسنين قليلة وقبل أن تزحف أمريكا للحرب.. يصور الفيلم.
وكتابها يباع حتى إبان الحرب، في كل البلدان المشاركة في الحرب مع أمريكا. ((مارغريت متيشل)) تنسى.. كما أرادت بالضبط. وكل جهود السيد ((لاتام)) بالعثور على مارغريت تذهب سدى. وكل عروض هوليوود الخيالية لم تؤد إلى النتائج المطلوبة.
الآن في 11-8-1949.. لقد مضى وقت طويل.. حتى أن مارغريت ما عادت تذكر.. حصل الكثير في هذه الفترة. الكثيرون قد مضوا. وما عاد هناك إلا القليل الذين يعلمون بوجود مارغريت..
ففي يوم 11-8-1949.. في الساعة التاسعة تماماً.. وبينما كانت مارغريت مع زوجها في شارع ((بيج تري ستريت)) في طريقهم إلى السينما الواقعة على الرصيف المقابل.. جاءت سيارة أجرة مسرعة من اليمين. السيد ((مارش)) يظل واقفاً أما مارغريت فتتراجع مذعورة.. وتصدمها السيارة وتجرجرها معها ومن ثم تقذفها على بعد 7 أمتار. ويغمى عليها وسط بقعة كبيرة من الدماء. تنقل إلى المستشفى ويشخص الأطباء كسراً في العمود الفقري.. كسر في الحوض.. جروح داخلية، ارتجاج في المخ.
في 16-8-1949 مارغريت تفارق الحياة وهي في التاسعة والأربعين من عمرها، بسبب حادث سيارة.. صممت على تأليف روايتها.. وبسبب حادث سيارة أيضاً.. تفارق الحياة.. ويطويها النسيان مرة أخرى. وتظل رواية ((ذهب مع الريح)) خالدة يقرأها الملايين، كما يُقبل الملايين على الفيلم المأخوذ من الرواية كلما أعيد عرضه، وكأنه يعرض لأول مرة.
تابع القراءة

نادين غورديمر.. وروايتها (( ضيف شرف ))

من هي نادين غورديمر؟
ولدت نادين غورديمر في عام 1923 قرب مدينة جوهانسبورغ عاصمة جنوب أفريقية لأبوين من البيض المهاجرين من أوروبة. فقد كانت أمها فان مايرز من مواليد انكلترا، فيما كان أبوها ايزيدور غورديمر قد هاجر من ليتوانيا وهو في سن الثالثة عشرة. وكان أبواها من العاملين في مناجم الذهب، فنشأت في جو عائلي مريح وفّر لها قسطاً كبيراً من الحرية والثقافة. فانكبت منذ سن مبكرة على قراءة روائع الأدب العالمي وبالأخص روايات القرن التاسع عشر الفرنسية والروسية المترجمة إلى الانكليزية، بالإضافة إلى أعمال الكتاب الانكليز أمثال فرجينيا وولف وتشارلز ديكنز والأمريكيين أمثال هوثورن وهمنغواي. كما أنها تأثرت كثيراً بقصص كاترين مانسفيلد. لقد كانت جنوب أفريقيا جزءاً من الكومنويلث البريطاني، وهذه الحقيقة جعلت غورديمر تتماهى بالثقافة البريطانية أكثر من الثقافة الأمريكية مع أن المستعمرة التي ولدت فيها كانت تابعة لجمهورية البوير (مستعمرة هولندية).
يبدو انحياز غورديمر هذا جلياً في اقتدائها بمجموعة من الكتاب الليبراليين البريطانيين، وبالأخص جماعة بلومزبيري وإ. م. فورستر في كتابه ((رحلة إلى الهند)). كما تأثرت بأعمال د. هـ. لورنس ودوموباسان وتشيخوف وهمنغواي عندما بدأت بكتابة القصة القصيرة. إلا أن مصدر التأثير الأكبر كان قصص الكاتبة الأميركية يودورا ويلتي.
بدأت غورديمر مع نضوجها الأدبي والفكري تتلمس طريقها الخاص بها في التعبير عما تريد قوله لأنها بدأت تشعر بالانسلاخ عن حياتها الخاصة وعن مجتمعها والتراث الليبرالي الانكليزي. وقد تجلت قطيعتها هذه في اصطفافها إلى جانب السود ومناهضتها للتمييز العنصري فأصبحت من المقربين إلى حزب المؤتمر الأفريقي بزعامة نيلسون مانديلا.
كتبت غورديمر سبع مجموعات قصصية وثمان روايات نذكر منها: عالم الغرباء، ضيف شرف، رفاق ليفينغستون، عناق جندي، قوم جولاي وغيرها. وقد توجت سيرتها الأدبية بحصولها على جائزة نوبل للأداب لعام (1991). وكانت قد حصلت على العديد من الجوائز الأدبية الرفيعة، نذكر منها: جائزة النسر الذهبي (1975) الفرنسية وجائزة CNA الجنوب أفريقية الأدبية (1975)، وجائزة مالابارتي الإيطالية (1985)، وجائزة نيلي ساكس الألمانية (1985) وجائزة بينيت الأمريكية (1968).


· ما هي أحداث رواية (ضيف شرف)؟
تدور رواية (ضيف شرف) حول شخصية جيمس براي الموظف الإداري الاستعماري الانكليزي الذي تم طرده من دولة أفريقية وسطى بسبب اصطفافه إلى جانب زعمائها القوميين السود. بعد عشر سنوات من ذلك يتلقى دعوة للمشاركة في احتفالات عيد استقلال هذا البلد. وحين عصفت الانشقاقات الحزبية والعنف بهذا البلد جرّاء تحريف المثل الثورية، وجد براي نفسه مجبراً مرة أخرى على الاختيار والانحياز إلى أحد أطراف السلطة المتصارعة، الأمر الذي يكلفه حياته.
تبدأ الرواية بقرار الكولونيل جيمس براي أن يترك حياة الاستقرار والرخاء في ويلتشاير بلندن والعودة إلى جولة أفريقية مستقلة حديثاً، وهو الذي تم نفيه من هذا البلد (المتخيّل) قبلئذ بعشر سنوات، بسبب مساندته نمو وصعود حزر استقلال الشعب الذي هو الآن في سدة الحكم. فحين كان براي مسؤولاً كولونيالياً، عمل في الحزب إلى جانب آدامسون مويتا، الرئيس الحالي، وإدوارد شينزا، النقابي. لقد عاد براي إلى البلاد لحضور احتفالات الاستقلال، وقبل منصبه كمستشار تربوي، وهو المنصب الذي يقوده، بشكل أولي، إلى مقاطعة غالا حيث كان قد عاش سابقاً. وتدور حبكة الرواية حول الإيديولوجيتين المتناقضتين لمويتا وشينزا، وانحياز براي إلى الأهداف الثورية لشينزا المنفي، عندما يصبح مدركاً للطبيعة النيو-كولونياليةأو لحكم مويتا، الذي يبدو بمثابة خيانة لمثُل الاستقلال. وتترافق الصحوة السياسية الجديدة لبراي بصحوة جنسية: إن زوجته، أوليفيا، تبقى في ويلتشاير، رغم ترتيبها الأصلي الذي يقضي بأن تلحق به في نهاية المطاف، وتصل إلى أن تمثل بالنسبة له حياة الاستقرار التي خلفها وراءه. إن علاقة براي بريبيكا إدواردز تمثل حيوية فردية توازي الحيوية العامة لنضوجه السياسي المتنامي.
يفشل حزب استقلال الشعب الحاكم – الذي يعمل في توافق مع النقابات – في حكومتهم تضع مصالح المستثمرين الأجانب فوق مصالح شعبها. ويبدأ الجزء الرابع من الرواية بمؤتمر الحزب الذي يتم فيه التعبير بشكل واضح عن الإيديولوجيتين المتنافستين لمويتا وشينزا. إن براي الآن يصطف مع شينزا في عملية تشكيل لوبي لصالحه. ولدى عودته إلى غالا، يشهد براي صدامات عنيفة بين العمال وقوات الحكومة، وفي النهاية يقرر الهرب من البلاد لكي يجمع المال لأجل قضية شينزا.
في الطريق إلى العاصمة، يتعرض لكمين ويُقتل من قبل العمال الذي يظنونه عنصراً مسؤولاً من عناصر فرقة مكافحة الشغب التي يسعون إلى الانتقام من عنفها. وفي نهاية الرواية يكون مويتا قد استعاد النظام بمساعدة عسكرية بريطانية، ويكون شينزا في المنفى.
تستوحي رواية (ضيف شرف) الآراء والأفكار السياسية الواردة فيها من كتاب (المعذبون في الأرض) لفرانز فانون، هذا التحليل الذائع الصيت للصراع ما بعد الاستعماري، والذي نشر لأول مرة في عام 1961.
ثمة إشارة صريحة إلى فانون في مناقشة بين براي وشينزا يقدم فيه شينزا مقتطفاً تبناه براي لاحقاً. إن المقطع المستشهد به يقدم واحدة من عدة أفكار من فانون تنظم توالي القضايا في (ضيف شرف). وفكرة فانون الأساسية هي أن الكفاح ضد الاستعمار يجب ألا يقوم على الاختلاف العرقي – على الرفض البسيط للمستعمر الأبيض – بل على مسائل الاستقلال الاقتصادي، نظراً لأنه صراع طبقي. وهذا ما يشكل طوراً هاماً في تقديم غورديمر للقضايا السياسية. إنها، في هذه المرحلة، تسير على قناعة فانون بأن الوحدة الأفريقية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال حركة الشعب التي يقودها حزب (الشعب)، والتي ستتحدى مصالح البرجوازية. بالنسبة لفانون، إن هذا الوعي الطبقي ضروري لتحدي البرجوازية المحلية التي تمارس تحت الضغط الاقتصادي من المصالح الاستعمارية عدوانيتها الطبقية الجديدة لتتحكم بالسلطة والثروة التي كانت سابقاً بيد الأجانب، وتستولي على البنى الاستغلالية القائمة تحت قناع النزعة القومية الجديدة.
تضع غورديمر أحداث الرواية في إطار تخيلي، في بلد أفريقي غير محدد، وذلك تحت تأثير الأحداث التي جرت في بلدها (جنوب أفريقيا) في أواخر الستينيات التي اتسمت بالقمع والتمييز العنصري. وتقوم فكرة الرواية على مفهوم التناقض المزدوج: الداخلي والخارجي المرتبطين بعلاقة جدلية من التأثير والتأثر. إن الطبيعة المعقدة والمفارقة للفعل الفردي يمكن ردها إلى النظام الاجتماعي الذي ينتج الأفراد، وهذا هو مقياس الواقعية السياسية للرواية. فالسجال السياسي جزء مكمل لبنية الرواية، ويخلق انطباعاً شديداً بوجود علاقة بين العام والخاص. كما يتجلى التناقض في التفاصيل المحلية في نسيج الرواية، بما في ذلك عناصرها الرمزية، وفي معالجة الرواية للجنسانية، التي تعتبر سمة نموذجية لغورديمر، تحمل مؤشراً على النضج السياسي. إذ أن الحيوية الجنسية تسير جنباً إلى جنب مع الحيوية السياسية في الرواية.
تتبع غورديمر التقاليد الغربية في التخييل رغم تشديدها على شخصية براي ومأساته النهائية. كما تطرح العديد من القضايا النسوية كارتباط الذكورة بالسلطة وبالتالي بالسياسة، وبالأخص السياسة الكولونيالية.
إن الصلة بين الشخصي والسياسي تتعزز حتى في مقاطع النقاش النظري، وهذا ما يتحقق أساساً عبر شبكة من التوترات بين شينزا ومويتا وبراي، والتي تقدم إطاراً لدراسة القضية الأساسية للكولونيالية الجديدة. إذ يرى مويتا أن البنية الاقتصادية هي إعاقة مستمرة، وكنتيجة لهذه التركة التي لا يمكن تجاوزها، يعتمد ازدهار البلد على تشجيع الاستثمارات الأجنبية. أما بالنسبة لشينزا، فإن هذا يؤدي إلى صدام مع الاستغلال الأجنبي، كما يشير في خطابه الثاني أمام المؤتمر، وهو نقد فانوني للكولونيالية الجديدة، التي يقوم منطقها على استغلال البشر مرتين: مرة كعمال ومرة كمستهلكين. هكذا فإن الموقفين المتعارضين لمويتا وشينزا يجري تقديمهما لتشكيل اختيار قوي بين الرأسمالية والاشتراكية الأصلية، بين دولة تستغل شعبها، ودولة قائمة على مصالحه، وهو الخيار الذي يجب على براي أن يقوم به، عندما يقرر إلى من سيكون ولاؤه، ويدور الكثير من الرواية حول كيفية وصوله إلى هذا الاختيار السياسي الذي يواجه الأمة عموماً.
تابع القراءة